للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

الدولة الإسلامية

العرب أشد شعوب الأرض إحساسًا بلغتهم (١). فهي ليست، في نظرهم، أعظم فنونهم وحسب، بل خيرهم المشترك. ولو سألت معظمهم تعريف ما يعنونه «بالأمة العربية»، لبادروك إلى القول أنها تشمل جميع الناطقين بالضاد. لكن سرعان ما يذهبون إلى أبعد من ذلك، فيقولون إنها تشمل جميع من يدعون صلة ما بقبائل الجزيرة العربية، إن بالتحدر منها، أو بالانتساب إليها، أو باقتباس مثلها الأعلى، عن طريق اللغة والأدب، في كمال الإنسان ومقاييس الجمال. أما تعريف الأمة العربية تعريفًا كاملًا، فلا بد من الرجوع فيه إلى حقبة تاريخية لعب فيها العرب دورًا قياديًا كان خطيرًا، لا لهم فحسب، بل للعالم أجمع، بحيث حق لهم الادعاء بأنهم كانوا، في تاريخ البشر، شيئًا يذكر.

تبدأ تلك الحقبة حين دعا محمد، وهو من آل قريش، إلى رسالة آمن بأن الله عهد بها إليه بواسطة الملاك جبرائيل. كانت هذه الرسالة، في نظر أتباعه، من الخطورة بحيث أنها غيرت وجه التاريخ. دعا محمد الناس إلى التوبة قبل فوات الأوان، وإلى السعي وراء ما يرضي الله، كما أنه حدد العقائد والأفعال التي يأمر بها الله. وقد علم أن على الناس أن يؤمنوا بأن الله أحد، وبأنه أعلن إرادته بواسطة الأنبياء، وبأن محمدًا خاتمتهم، وبأن الرسالة المنزلة عليه، وهي القرآن، إنما هي كلام الله المنصوص المعبر عن مشيئته من أجل البشر، وبأن على البشر أن يعملوا بالأوامر الواردة فيه، وبأن

<<  <   >  >>