للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واللغة والأدب، وآثار العرب. وعلى سبيل المثال أيضًا نأخذ العدد الصادر في شباط ١٩١٣، فنراه يشتمل على مقالات في تاريخ لبنان وحصار الصليبيين لدمياط، وعن مكيافيلي وابن خلدون، وفي التربية والنظام الاجتماعي، وفي العمر والشيخوخة، وفي كيفية معالجة السمنة، كما تشتمل على وصف زيارة قام بها رئيس التحرير إلى فرنسا وإنكلترا وسويسرا، وعلى فصل من قصته التاريخية عن صلاح الدين والحشاشين.

قد تبدو المواضيع التي كانت تعالجها هاتان المجلتان عديمة المغزى، خصوصًا وأنهما كانتا تتحاشيان كل ما يتعلق مباشرة بالسياسات المحلية أو بالدين أو بما شأنه أن يثير ضدهما العداء. غير أن وراء هذه المواضيع ووراء غيرها من هذا النوع كانت تكمن بعض الأفكار المعينة الدائرة حول ما هي الحقيقة وكيفية البحث عنها، وما على جمهور قراء العربية أن يعرفوه وهو أن المدنية خير بحد ذاتها، وأن ابتكارها وصيانتها إنما هما محك العمل وقاعدة الخلقية، وأن العلم إنما هو أساس المدنية، وأن للعلوم الأوروبية قيمة عالمية، وأن بإمكان العقل العربي ومن واجبه تحصيلها بواسطة اللغة العربية، وأنه بالإمكان أن نستخرج من الاكتشافات العلمية نظامًا للخلقية الاجتماعية التي هي سر القوة الاجتماعية، وأن أساس هذا النظام الخلقي إنما هو التحسس بالمصلحة العامة، أي الوطنية، التي هي حب الوطن والمواطنين الذي يجب أن يعلو على جميع الروابط الاجتماعية الأخرى حتى الدينية منها. وقد أصبحت مثل هذه الأفكار مألوفة في ما بعد بفضل هاتين المجلتين على الأخص.

لقد توقف المقتطف، آخر الأمر، عن الصدور، لأنه كان قد أنهى مهمته، بينما استمر الهلال، لأنه كان موجهًا لجمهور مختلف من القراء. كانت تلقي هذه الآراء لدى نشرها للمرة الأولى بنبرة رسولية، ولم تكن مقبولة في كل مكان. من ذلك أنه عندما وصلت الأعداد الأولى من المقتطف إلى بغداد في ١٨٧٦، لم يرحب بالمجلة إلا بعض الشباب، بينما قاومها المحافظون من مختلف

<<  <   >  >>