للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث عائشة -رضي الله عنها-: "ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعًا حتى قُبض" (١). وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا" (٢).

وما يبين ذلك -كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- مذكورات في الآية, والكلام في الأمر بالتطهير بإيجابه, ووعد الثواب على فعله, والعقاب على تركه.

قال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)} (٣) , إلى قوله: {وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)} (٤).

فالخطاب كله لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- , ومعهن الأمر والنهي, والوعد والوعيد؛ لكن لمَّا تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهنَّ وتعم غيرهنَّ من أهل البيت, جاء التطهير بهذا الخطاب, وليس مختصًا بأزواجه, بل هو متناول لأهل البيت كلهم, وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين أخصّ من غيرهم بذلك, ولذلك خصَّهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء لهم (٥).

قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (٦): "وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)} [الأحزاب: ٣٣]؛ نصٌّ في دخول أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في أهل البيت ههنا؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية, وسبب النزول داخل فيه قولًا واحدًا, إمَّا وحده على قولٍ, أو مع غيره على الصحيح". اهـ.

وكان عكرمة مولى ابن عباس ينادي في السوق بأن هذه الآية نزلت في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-


(١) متفق عليه. أخرجه البخاري (٩/ ٥٤٩ - مع الفتح) , (١١/ ٢٨٢ - مع الفتح) - رقم (٥٤١٦, ٦٤٥٤) , ومسلم (٤/ ٢٢٨١) - رقم (٢٩٧٠).
(٢) متفق عليه. أخرجه البخاري (١١/ ٢٨٣ - مع الفتح) - رقم (٦٤٦٠) , ومسلم (٢/ ٧٣٠) - رقم (١٠٥٥).
(٣) الأحزاب (آية: ٣٠).
(٤) الأحزاب (آية: ٣٣).
(٥) انظر: "منهاج السنة النبوية" (٧/ ٧٤).
(٦) (٥/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>