للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل القول بتفضيل بني هاشم يعدُّ تفضيلًا مطلقًا لهم على جميع الأشخاص وفي كلِّ الأحوال؟

لا يعني القول بتفضيل آل البيت -عند أهل السُّنَّه والجماعة- تفضيلهم مطلقًا في كلِّ الأحوال وعلى جميع الأشخاص، بل قد يوجد في آحاد الناس مَنْ هو أفضل من آحاد بني هاشم، لزيادة التقوى والإِيمان والعمل عنده، وهو الذي على أساسه يُثاب الإِنسان أو يُعاقب. أمَّا نفس القرابة ولو كانت من النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله تبارك وتعالى لم يُعلِّق بها ثوابًا ولا عقابًا، ولا مَدَحَ أحدًا بمجرد كونه من ذوي القربى وأهل البيت، ولا ذكر سبحانه استحقاقه الفضيلة عند الله بذلك (١)!

فإنَّ القرابة والنَّسب لا يؤثران في ترتيب الثواب والعقاب، ولا في مَدْحِ الله عزَّ وجلَّ للشَّخص المعيَّن، ولا في كرامته عند الله، وإنما الذي يؤثر فيه الإِيمان والعمل الصَّالح، وهو التقوى كما سبق (٢). قال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٣).

وفي ضوء هذه الآية الكريمة، وحديث: "النَّاس معادن كمعادن الذَّهب والفضَّة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإِسلام إذا فقهوا" (٤)، ولزيادة التوضيح أقول (٥):

"الأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة، كان معدن الذهب خيرًا، لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه، فإن قُدِّر أنه تعطَّل ولم يُخرج ذهبًا، كان ما يخرج الفضة أفضل منه، فالعرب في الأجناس، وقريش فيها، ثم هاشم في قريش مظنة أن يكون فيهم من الخير أعظم مما يوجد في غيرهم. ولهذا كان في بني هاشم النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يماثله أحد في قريش، فضلًا عن وجوده في سائر العرب وغير العرب، وكان في قريش الخلفاء الرَّاشدون


(١) انظر: "منهاج السُّنَّة النَّبويَّة" (٤/ ٦٠٢) و (٨/ ٢٢٠).
(٢) انظر: "منهاج السُّنَّة النَّبويَّة" (٤/ ٦٠٠).
(٣) الحجرات (آية: ١٣).
وانظر مزيدًا من الأدلة على ذلك في القسم المحقق، الأحاديث من رقم (٣٦٩) إلى (٤٠٠).
(٤) أخرجه البخاري (٤/ ١٤٠، مع الفتح) وفي مواطن أخرى. ومسلم (٤/ ٢٠٣١) من حديث أبي هريرة.
(٥) جميع ما سأذكره من هذا الموضع إلى ص ١٨٢، من كلام شيخ الإِسلام في "منهاج السُّنَّة النَّبويَّة" (٤/ ٦٠٦, ٦٠٨)، وقارنه بما في (٨/ ٢٢٠ - ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>