للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمفضول قد يختصُّ بأمر ولا يلزم أن يكون أفضل من الفاضل، ودليل ذلك أنَّ أزواجه هم ممن يُصلَّى عليه، كما ثبت باتِّفاق النَّاس كلّهم أنَّ الأنبياء أفضل منهنَّ كلّهنَّ.

وإذا كان كذلك فأولياؤه المتقون بينه وبينهم قرابة الدِّين والإِيمان والتقوى، وهذه القرابة الدِّينية أعظم من القرابة الطِّينية، والقُرب بين القلوب والأرواح أعظم من القُرب بين الأبدان.

وعليه، فإنَّ الأنبياء والمرسلين كما سبق، والصِّدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين، كلُّ أولئك أولياء النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فأبو بكر الصِّدِّيق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان -رضي الله عنهم- من أعظم أولياء النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وهم أفضل من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الهاشمي، مع أنَّ أبا بكر تَيمي، وعمر عَدَوي، وعثمان أُموي -رضي الله عنه- أجمعين.

وقد ذكر ابن تيمية في معرض ردِّه على الرَّافضي في زعمه اختصاص أئمة أهل البيت بالعلم دون غيرهم، أن كثيرًا من أهل السُّنَّه أعلم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع العناية والاهتمام من كثير من بني هاشم، فالزُّهري مثلًا أعلم بأحاديث النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأحواله وأقواله وأفعاله من أبي جعفر محمد بن علي الباقر، وكان معاصرًا له.

أمَّا موسى بن جعفر الكاظم، وابنه علي بن موسى الرِّضا، وابنه محمد بن علي بن موسى الجواد، فلا يستريب من له من العلم نصيب أنَّ مالك بن أنس، وحمَّاد بن زيد، وحمَّاد بن سلمة، والليث بن سعد، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد القطَّان، ووكيع بن الجرَّاح، وعبد الله بن المبارك, والشَّافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأمثالهم، أعلم بأحاديث النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء. وهذا أمر تشهد به الآثار التي تُعَاين وتُسمع (١). ولولا أنَّ الناس وجدوا عبد مالك والشَّافعي وأحمد أكثر مما وجدوه عند هؤلاء لما عدلوا عن هؤلاء إلى هؤلاء (٢).


(١) انظر: "منهاج السُّنَّة النَّبويَّة" (٢/ ٤٦٠، ٤٦٢)، بتصرُّف.
(٢) "آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "وأولياؤه" (ص ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>