للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان غرض ابن أبي الدُّنيا -كما نبَّه عليه محقق الكتاب- الحثّ على التأسّي بجلائل أعمال الصفوة من الأشراف، والتحذير من الأعمال والأقوال السيئة التي صدرت عنهم كحكَّام أو أفراد.

ومن هذا المعنى أيضًا -أعني إطلاق (الشَّريف) على السَّيد الماجد- ما رأيتُهُ في "الموسوعة العربية العالمية- موسوعة الأمير سلطان" (١) تحت عنوان (الأشراف الرُّومان)، إذ جاء فيها:

أنهم أشراف يعيشون في جمهورية روما القديمة (٥٠٩ - ٢٦٤ ق. م). وكانت كلمة (الأشراف) عندهم تستخدم لتمييز أعضاء مجلس الشيوخ الرُّوماني. وكان (الأشراف) ينتمون إلى أسَرٍ غنيّة، ويفتخرون بأجدادهم، ويُسيطرون على الحكومة والجيش والدِّين، وكانوا يُقاومون محاولات العامة مشاركتهم في سلطانهم، ولم يكن باستطاعة أحدٍ من العامّة التَّزوُّج من الأشراف حتى عام (٤٤٥ ق. م).

ويرى المستشرق جوتين (Goteen) أن الأشراف يُراد بهم: النُّبلاء والعرب الخُلَّص، ومن كان يُفرض له من بيت المال ألفا درهم، أو ألفان وخمسمائة.

ولذا وُجِدَ من لُقِّبَ بـ (الشَّريف) وهو ليس من آل البيت النَّبويَّ؛ من ذلك (الشَّريف العُمَريّ) من ذريَّة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ مذكورٌ في الشَّافعية (٢).

ويرى محمد سعيد كمال؛ أن الضَّعف الشَّديد الذي انتاب الدولة العباسية، وظهور الدولة الفاطمية وقوتها هو الذي جرَّأ على إطلاق لقب (الشَّريف) على مَنْ كانوا ينتمون إلى نسل علي بن أبي طالب من السَّيِّدة فاطمة -رضي الله عنهما-؛ إذ لا يُعقل أن يُطلق هذا على العلويين في قوة العبّاسيين الذين كانوا يرون أن العمَّ أولى من ابن البنت. ولذلك كان يُطلق على نسل علي بن أبي طالب في أول الأمر (علويّ)، وعلى نسل أبيه (طالبيّ). ثم أطلق


(١) (٢/ ٢٠٢).
(٢) هو أبو الفتح، ناصر بن الحسين بن محمد، المعروف بـ "الشريف العُمَريّ"، من ولد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. كان من فقهاء الشافعية الكبار، تفقَّه به خلق كثير، وصار عليه مدار الفتوى والتدريس والمناظرة، وصنَّف كتبًا كثيرة. مات بنيسابور سنة (٤٤٤ هـ). وله ولدَّ فقيه، ولد سنة (٤١٧ هـ)، ومات (٤٧٧ هـ). "طبقات الشافعية" للإسنوي (٢/ ٧٧، ٧٨)، "العبر" للذهبي (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>