للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويذهب عبد الرزاق الحُسيني في كتابه "موارد الأتحاف في نقباء الأشراف" (١) إلى عكس ما ذهب إليه محمد راغب، وذلك أنَّ الأسباب الي أوجبت تأسيس "النِّقابة" على الطَّالبيين، هو أنه لما بلغتْ سطوة بني العبَّاس في سائر الأقطار، ونظروا إلى شؤون الدولة رأوا أن ما يوجب قلق دوام ملكهم وخراب سلطانهم وجود آل أبي طالب في ممالكهم! حيثُ وجدوا لهم النُّفوذ التام في النفوس لقربهم من الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم-.

فأراد بنو العبَّاس أن يُحْدثوا مشكلة يُعرقلوا بها خُطاهم، ويُوقفوا بها تقدَّمهم -كما يقول الحسيني- فأحدثوا النِّقابة فيهم، برئاسة شخص منهم، والنِّقابة لا تكتسب صفتها الرَّسمية ما لم تصدر بها إرادة من خليفة الوقت، أو مَن يمثّله.

وعندما تسنَّم هذا المنصب من الطَّالبيّة ضَعُف ما في نفوسهم من القيام بحقِّهم، والطلب بثأرهم، حتى صار بعضهم ينافس البعض لنيل هذا المنصب، حتى صار خلفاء بني العبَّاس يعهدون إلى النقباء لإمارة الحجِّ، وديوان المظالم؛ فصار النقيب ممثِّلًا للخليفة!

• ومما تجدر الإشارة إليه: أن هذا النقيب يجب أن يكون من وجوه الأشراف ورؤسائهم، وقد جعلوا له -قديمًا- ديوانًا. ولذا عدَّ القلقشنديّ في "صبح الأعشي" (٢) (النِّقابة) من والوظائف الدِّينية التي لا مجلس لها في الحضرة السُّلطانية.

• وتنحصر أعمال (النَّقيب) في الأمور التالية:

أولًا: حفظ أنسابهم من داخلٍ فيها وليس منها، أو خارجٍ عنها، ليكون في النَّسب محفوظًا على صحته، معزوًّا إلى جهته.

ثانيًا: تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم، حتى لا يخفى عليه بنو أب، ولا يتداخل نسبٌ في نسبٍ، ويثبتهم في ديوانه على تمييز أنسابهم.

ثالثًا معرفة مَن وُلِدَ منهم من ذكر أو أنثى فثبته، ومعرفة من مات منهم فيذكره، حتى لا يضيع نسب المولود.

رابعًا: أن يأخذهم على الآداب بما يُضاهي شرف أنسابهم؛ لتكون حشمتهم في النُّفوس موفورة، وحرمة الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- فيهم محفوظة.


(١) (١/ ٥ - ٦)، مطبعة الآداب بالنجف.
(٢) "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" (٤/ ٣٨ - دار الكتب العلمية).

<<  <  ج: ص:  >  >>