• قوله في (ص ٥٤٢ وما بعدها): "وأمَّا ما أسنده الدَّيلميُّ [٤/ ٢٢١] عن عثمانَ بنِ عفَّان -رضي الله عنه-، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "المَهدِيُّ مِن وَلَدِ العبَّاسِ عَمِّي"؛ فما تقدَّم أصحُّ منه وأكثر.
ومن الضَّعيف في ذلك؛ ما رواه السَّمَرْقَنْدِيُّ من حديث أبي جعفر المنصور، عن أبيه، عن جدَّه، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إليه- يعني العبَّاس- مقبلًا، فقال له:
"هذا عمِّي أَبُو الخلفاء، أجوَدُ قريْشٍ كفًّا وأجملها، وإنَّ مِنْ وَلَدِهِ السَّفَّاحَ، والمنْصُورَ، والمَهْدِيَّ. يا عمُّ! بي فتَحَ الله هذا الأمْرَ، ويَخْتِمُهُ برجل من وَلَدِكَ" ... ".
• وقال في (ص ٥٤٥): "وما رُويَ من حديث الحَسَنِ البصْريِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَزْدَادُ الأَمرُ إلا شِدَّة، ولا الدُّنيا إلَّا إدبارًا، ولا النَّاسُ إلَّا شُحًّا. ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا على شرار الخَلْقِ، ولا مَهدِيّ إلَّا عيسى بن مَرْيم". فأخرجه الشَّافعيُّ، وابنُ ماجه في "سننه" [٢/ ٣٤٠]، والحاكمُ في "مستدركه" [٤/ ٤٨٨]، وقال: "أوردتُه تعجُّبًا لا مُحتجًّا به"، وآخرون. وصرَّح النَّسائيُّ بأنَّه منكرٌ. وجَزَمَ غيرُهُ من الحفَّاظ بأنَّ الأحاديث التي قبله أصحُّ إسنادًا؛ والله الموفِّق".
٥ - براعة الحافظ السَّخاويِّ في الصِّناعة الحديثية:
تظهر في الكتاب براعة المؤلف في الصناعة الحديثية التي استفادها من شيخه الأول الحافظ ابن حجر، كما يظهر كثرة اطّلاعه على كتب الحديث، واقتناص الفوائد والفرائد من كلام المحدِّثين، وهذه بعض النماذج للدلالة على ذلك:
• قال المؤلف في (ص ٢٩٩ وما بعدها): "وفي "جامع التِّرمذيِّ" [٤/ ٣٠٩]، و "مسند أحمد" [٢/ ٣٧٤] من حديث يزيد مَوْلى المُنبعِث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَعَلَّموا مِنْ أنْسَابكُمْ ما تَصِلُونَ به أرْحامَكُمْ؛ فإنَّ صِلَةَ الرَّحمِ محبَّةٌ في الأَهلِ، مَثْرَاةٌ في المال، مَنْسَأةٌ في الأَثرِ". وقال: "إنه غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه".
"قُلْتُ: لكن له شاهدٌ عند البَغَويِّ [٣/ ٣٦٠]، والطَّبراني [١٨/ ٩٨]، وابنِ شاهين، وغيرهم، من حدث عبد الملك بن يعلى، عن العلاء بن خارجة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: وذكر مثله؛ لكنه قال:"مَنسَأة في الأجل". إلَّا أنه كما قرَّرتُ فيما كتَبْتُه من "شرح الترمذي"