وقد جاء هذا في كلامه الذي نقلته آنفًا:" ... لجاء في عدة مجلدات، فيها الكفاية والمقنع، مع بيان السَّمين من الهَزيل، والثَّابت المَكين من المُزَلزَل العليل"(١).
فهو بهذا الكلام يشترط على نفسه ألا يُورد إلَّا الكافي والمقنع، مع بيانه السَّمِين من الهزيل، والثَّابتَ المَكين من المُزَلزَل العليل، كما هي عبارته.
ولقد تبيَّن لي بعد دراسة الكتاب دراسةً وافيةً أن المؤلف التزم بهذا الشرط في أكثر الأحاديث والآثار فيما يتصل ببيان الصَّحيح من الضَّعيف، فهو لا يكاد يُورد حديثا إلَّا ويُعلِّق عليه بما يناسبه صحةٌ وضعفًا ... إلَّا أنه فرَّط في هذا الشرط في روايات ليست بالقليلة، خصوصًا تلك الرِّوايات التي يسوقها تبعًا للمحبِّ الطَّبريِّ في كتابه، وكان الأولى -في نظري- أن يُنبِّه عليها، طالما أنه انتقدها في الأصل، وهو من المؤاخذات التي تُسجَّل على المؤلف.
ومن أمثلة ذلك:
• إيراده حديث:"استوْصُوا بِأهْلِ بيتي خيرًا فإنِّي أُخاصِمُكُم عنهم غدًا، ومَنْ أكُنْ خَصمه أخصِمُهُ، ومَنْ أخصِمُه دخل النَّار"(رقم ١١٦)، وهو حديث ليس له أصل.
• وحديث:"من حفظني في أهلِ بَيْتِي فقد اتَّخَذَ عند الله عَهدًا". (رقم ١٦٤).
فمثل هذه الأحاديت كان الأولى عدم إيرادها، لأنه لا يُعرف لها أصلٌ يُعتمد عليه، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، إن المؤلف وقع فيما عابه على المحبِّ من التسامح والتساهل! حتى إنه عقَّب على حديث (رقم ١١٦) بقوله: "ولم أقِف له على أصلٍ أعتَمِدُه! " ... فيكون بذلك من المتسامحين في الرِّواية! اللَّهُمَّ إلَّا أن يُقال: إنه أراد بذلك إيراد جميع ما في الباب من أجل العلم به، سواء أكان صحيحًا أم ضعيفًا أم موضوعًا، واكتفى بالتنبيه عليه.