(٢) إسنادُهُ حسنٌ بمجموع طرقه وشواهده. وهو يُروى عن ثلاثة من الصحابة (عمرو بن مُرَّة الجهنيّ -وسَبْرة بن معبد الجهني- وعقبة بن عامر الجهني رضي الله عنهم):
• أولًا: رواية عمرو بن مُرَّة الجُهَنيِّ: أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (٣/ ١٣٥) - رقم (١٥٦٧) من طريق زهير بن حرب، عن الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن الرَّبيع بن سبرة, عن عمرو بن مُرَّة الجهني، قال: كنت جالسًا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مَنْ هاهنا من معدٍّ فلْيقم" ... إلخ الحديث. وأخرجها البزار في "مسنده" (١/ ١١٩ - كشف) - رقم (٢٢١)، والرُّوياني في "مسنده" (٣/ ٢٣٧) من طريق أبي كُريب محمد بن العلاء، عن سعيد بن شرحبيل، عن ابن لهيعة به. وفيه: ... قال عمرو: "ممَّن نحن؟ "، قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "من اليد الطليقة، واللقمة الهنيئة، اليمن وحمير"، إلَّا أن الرُّوياني قال بعد قوله: "اللقمة الهنيَّة: "أنتم من جُهينة". قال البزار عقبه: "لا نعلمه يُروى إلَّا بهذا الإسناد". - ومن طريق الرُّوياني أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٣/ ٦٠٩). وخليفة بن خياط في "الطبقات" (ص ١٢٦) من طريق سليمان بن حرب، عن بشر بن السَّرِيّ، عن ابن لهيعة به، وابن قانع في "معجم الصحابة" (١٠/ ٣٦٨٨، ٣٦٨٧) - رقم (١٢٠٧، ١٢٠٦) من طريقين: الأول: عن موسي بن هارون، عن قُتيبة، عن ابن لهيعة به. والثاني: عن عبَّاد بن عبَّاد المهلبي، عن جرير بن حازم ومالك بن سعد، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي عُشَّانة، عن عمرو بن مرة به. وإسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وستأتي شواهد أخرى تُقوِّيه. • تنبيه: عزا الحافظ في "الإصابة" (٤/ ٥٦٤) - في ترجمة عمرو بن مُرَّة - هذا الحديث للإمام أحمد في "المسند"؛ ولكني لم أجده فيه بعد طول بحث وتفتيش، ثم رأيتُ محقق "مسند أبي يعلى" أشار إلى هذا الوهم من ابن حجر؛ فازداد يقيني بعدم وجوده في "المسند" المطبوع، ولعلَّه في بعض روايات "المسند" أو نسخه الخطيَّة؛ فالله تعالى أعلم. وقد جاء في "الإصابة: "من كان ههنا من سَعْدٍ فليقم"، وهو تصحيف في جميع طبعات "الإصابة"! ومن آخرها طبعة دار الكتب العلمية (١٤١٥ هـ).
• ثانيًا: رواية عقبة بن عامر الجُهنيِّ: أخرجها ابن وهب في "جامعه" (١/ ٦٢) - رقم (٢٣) من طريق ابن لهيعة، عن معروف بن سويد، عن أبي عُشَّانة، عنه. وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ فإنَّ عبد الله بن لهيعة وإنْ كان ضعيفًا بسبب تخليطه بعد احتراق كتبه، إلَّا أن رواية عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب عنه أعدل من غيرهما، كما صرَّح به الحافظ في "التقريب" (ص ٥٣٨)؛ وعليه فحديثه ههنا مقبول. =