للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبيد الله بن محمد -يعني ابن عائشة-، حدَّثني أبي وغيره، قالوا:

"حجَّ هشامُ بنُ عبد الملك (١) في زمن عبد الملك (٢)، أو الوليد، فطاف بالبيت، فجاهدَ (٣) أن يصلَ إلى الحَجَر فَيَسْتَلِمَه فلم يقدرْ عليه! فَنُصِبَ له منبرٌ، وجلس عليه ينظر إلى النَّاس، ومعه أهلُ الشَّام؛ إذْ أَقْبَلَ زينُ العابدين عليُّ بن الحسين بنُ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، وأَطْيَبهِمْ أَرَجًا (٤)، فطافَ بالبيت، فكلَّما بلغ إلى الحَجَر تنحَّى له النَّاسُ حتى يَسْتَلِمَه!

فقال رجلٌ من أهل الشَّام: "مَنْ هذا الذي قد هابه الناسُ هذه الهيْبة؟ ! ".

فقال هشام: "لا أعرفه"؛ مخافةَ أن يرغبَ فيه أهلُ الشَّام؛ وكان الفرزْدق (٥) حاضرًا، فقال الفرزدق: "لكنِّي أعرفه". قال الشَّاميُّ: "مَنْ هو يا أبا فراس؟ ".

قال (٦):

هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ... والبَيْتُ يَعْرِفُه والحِلُّ والحَرَمُ


(١) هو أبو الوليد، هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي، أحد خلفاء بني أُمَيَّة. وُلِدَ سنة نيف وسبعين، واستُخلف بعهد من أخيه يزيد. كان حازمًا عاقلًا، ذا رأي ودهاء وحزم، كارهًا لإراقة الدماء في غير حقٍّ. دامت خلافته عشرين سنة. مات في ربيع الآخرة سنة (١٢٥ هـ). "الجوهر الثمين" (١/ ٩٨)، و "تاريخ الخلفاء" (ص ٢١٨).
(٢) تقدت ترجمته قريبًا.
(٣) في (ز)، و (ك): (فجهد).
(٤) هكذا ضُبطت في (ز)، و (ك). والأرَجُ: توهَّج ريح الطّيب، يُقال: أرجَ الطِّيبُ -بالكسر- يأرجُ أَرَجًا، فهو أرجٌ: إذا فاح، انظر: "لسان العرب" (٢/ ٢٠٧).
(٥) هو الشاعر المشهور، واسمه همَّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التَّميمي، كنيته أبو فِراس. لُقِّب بالفرزْدق لغلظه وقصره، شُبِّه بالفَتِيتة التي تشربها النساء، وهي الفرزدقة. كان شاعر عصره، ونظمه في الذروة كما قال الذهبي. وفيه تشيُّع ظاهر لأهل البيت. مات سنة (١١٠ هـ). "الشعر والشعراء" (ص ٣١٥ - ٣٢٤)، و"النبلاء" (٤/ ٥٩٠).
(٦) في (م): فقال. وانظر القصيدة في "ديوان الفرزدق" (ص ٥١١ - ٥١٤) - شرح وضبط: علي فاعور.

<<  <  ج: ص:  >  >>