للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحْسَانِ فَانْقَشَعَتْ ... عَنْهُ الغَيَابَةُ (١) والإمْلَاقُ والعَدَمُ

مِنْ مَعْشرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وبُغْضُهُمُ ... كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنْجًى ومُعْتَصَمُ

إنْ عُدَّ أَهْلُ التُّقَى كانُوا أَئِمَّتَهُمْ ... أَوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الأرْضِ قِيلَ هُمُ

لَا يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَايَتِهِم (٢) ... وَلَا يُدَانِيهُمُ قَوْمٌ وَإنْ كَرُمُوا

هُمُ الغَيُوثُ، إذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ ... والأُسْدُ أُسْدُ الشَّرَى، وَالْبَأسُ مُحْتَدَمُ (٣)

لَا يُنْقِصُ العُسْرُ بَسْطًا مِنْ أَكُفّهُمُ ... سِيَّانِ ذَاكَ (٤) إن أَثرَوْا وَإِنْ عَدِمُوا

يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ وَالبَلْوَى بِحُبِّهمُ ... وَيُسْتَرَبُّ بِهِ الإِحْسَانُ وَالنِّعَمُ

مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ ذِكْرُهُمُ ... فِي كُلِّ بِرٍّ (٥) ومَختُومٌ بِهِ الكَلِمُ

يَأْبَى لَهُمْ أَنْ يَحِلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ ... خيمٌ كَرِيمٌ وَأَيْدٍ بالنَّدَى هُضُمُ

أيُّ الخلَائِقِ لَيْسَتْ فِي رِقَابِهُمُ ... لِأوَّلِيَّةِ هَذَا، أَوْ لَهُ نِعَمُ

مَنْ يَعْرِفِ اللهَ يَعْرِفْ أَوَّلِيَّةَ ذَا ... وَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الأمَمُ

قال: فغضب هشامٌ، وأمر بحبس الفرزْدَق بعُسْفَان (٦) -بين مكَّة والمدينة-، وبلغ ذلك زين العابدين؛ فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال:

"اعذر أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لَوَصَلْنَاكَ به".


(١) في "الديوان" المطبوع: (عنها الغياهب)، وهي الظلمات، واحدها غيهب. "شرح الديوان" (ص ٥١٢).
(٢) في "الديوان": (بعد جودهم).
(٣) الغَيُوث: هم الذين يُغيثون الناس. والأزمة: الشدة. وأزمت: اشتدَّت. والشَّرى -بالفتح والقصر-: داء يأخذ في الرجل، أحمر كهيئة الدرهم. وقال بعضهم: الشَّرى مأسدة بعينها. وقيل: شرى الفرات ناحيته به غياض وآجام تكون فيها الأسود. "شرح ديوان الفرزدق" (ص ٥١٣).
(٤) وقع في (ز)، و (هـ)، و (ل): ذلك.
(٥) في (م)، و (ك)، و (ل): (بدء! )، وهو تصحيف.
(٦) عُسْفَان: بضمِّ أوله، وسكون ثانيه، ثم فاء، وآخره نون؛ فُعْلان. وهي قرية صغيرة على طريق المدينة. سُمِّيت عُسْفان لتعسُّف السَّيل فيها. وهي لبني المصطلق من خزاعة، وهي كثيرة الآبار والحِياض، على مرحلتين من مكة. وهي تبعد عن مكة ما يُقارب (٨٥ كيلومتر). "معجم البلدان" (٤/ ١٢١)، و"معجم ما استعجم" (٣/ ٩٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>