نَقله (ح) فِي بَاب الْهِبَة، وَقَالَ ابْن سَلمُون فِي فصل بيع الْوَكِيل: فَإِن لم يبينا فِي شَهَادَتهمَا أَن الْمُوكل أشهدهما بِالْوكَالَةِ فشهادتهما بَاطِلَة لَا يعْمل بهَا اه. وَقد قَالُوا أَيْضا: إِن الْمَوْهُوب لَهُ إِذا وهب الْهِبَة وَأشْهد فَذَلِك حوز وإلَاّ فَلَا كَمَا قَالَ (خَ) فِي الْهِبَة: أَو وهب إِذا أشهد وأعلن الخ. وَإِذا لم يكن حوز إِلَّا مَعَ الْإِشْهَاد فَكَذَلِك لَا تكون هبة إِلَّا مَعَه أَيْضا. الرَّابِع: إِذا حبس الْوَلِيّ على محجورة جُزْءا شَائِعا فِي جَمِيع مَاله وَله أصُول وَربَاع وعروض ورقيق وماشية وناض وَطَعَام صَحَّ ذَلِك على مَذْهَب ابْن الْقَاسِم، وَرِوَايَته عَن مَالك فِي جَمِيع مَا كَانَ يملك يَوْم الْهِبَة من الْأُصُول والرباع وَالْعرُوض والماشية حاشا مَا سكن من الدَّار أَو لبس من الثِّيَاب، وَأما الطَّعَام والناض فَيبْطل الْحَبْس فِيهِ إِذْ لَا يعرف بِعَيْنِه إِلَّا أَن يَضَعهُ على غير يَده قَالَه فِي الْبَيَان، وَنَحْوه لِابْنِ نَاجِي أول كتاب الْهِبَة من الْمُدَوَّنَة قَائِلا: الْمَشْهُور صِحَة هبة الْمشَاع مَعَ بَقَاء يَد الْوَاهِب تجول فِيهِ مَعَ الْمَوْهُوب لَهُ اه. لَكِن الْكَبِير لَا بُد أَن يتَصَرَّف مَعَ الْوَاهِب، وَأما الصَّغِير فَإِن حوز الْأَب لَهُ كَاف كَمَا مرّ. وَقَوله فِي الْبَيَان: صَحَّ ذَلِك حَتَّى فِي الْعرُوض والماشية الخ. هَذَا إِذا لم يكن هُنَاكَ مُنَازع وإلَاّ فَلَا يقْضِي للِابْن إِلَّا بِمَا عين مِنْهُمَا بتوقيف الشُّهُود عَلَيْهِمَا أَو بِوَصْف يتَحَصَّل بِهِ تمييزها كَمَا قَالَه ابْن مَالك وَابْن عتاب، وَمَا ذَلِك إِلَّا لالتباسهما بِمَا اكْتَسبهُ الْأَب بعد الْهِبَة بشرَاء وَنَحْوه فَلَا يحكم للِابْن إِلَّا بِمَا شهِدت الْبَيِّنَة أَن الْحَبْس أَو الْهِبَة وَقعا على عينه بِخِلَاف الْأُصُول، فَإِن الْغَالِب عدم الزِّيَادَة عَلَيْهَا وَإِن زَاد شَيْئا فَإِن الْغَالِب شهرته عِنْد النَّاس كَمَا قَالُوهُ فِيمَن أنكر أصل الْمُعَامَلَة فَقَامَتْ بَيِّنَة بِالْقضَاءِ، وَلذَا قَالَ ابْن سهل فِي بَاب الْوَصَايَا عَن ابْن لبَابَة وَغَيره: أَن الصَّدَقَة إِذا كَانَت على ابْنه بِجَمِيعِ مَاله فَلَا حِيَازَة على الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ يَعْنِي عِنْد إِرَادَة الحكم، وَإِن كَانَ تصدق بأحقال بِأَعْيَانِهَا فَالْمَال موروث حَتَّى تحوز الْبَيِّنَة الأحقال لِأَنَّهَا لَا تتَمَيَّز من الْمَوْرُوث إِلَّا بالحيازة والتحديد، وَهَذَا إِذا تنازعوا فِي الْحُدُود وإلَاّ فَسَيَأْتِي عِنْد قَول النَّاظِم:
وناب عَن حِيَازَة الشُّهُود توَافق الْخَصْمَيْنِ فِي الْحُدُود
وَهَذَا يبطل مَا فِي المعيار عَن العبدوسي فِيمَن حبس جَمِيع مَا يملكهُ بقرية كَذَا من الدّور والجنات على صغَار بنيه وحازه لَهُم ثمَّ توفّي قَالَ فِي الْجَواب: إِن الْحَبْس بَاطِل لعدم تعْيين الْأَمْلَاك المحبسة الخ. وَلما نقل ابْن رحال جَوَاب العبدوسي قَالَ: الْحق فِي النَّازِلَة أَن الْحَبْس صَحِيح وكل مَا عرف للمحبس بِتِلْكَ الْقرْيَة فَلَا إِرْث فِيهِ الخ. وَكَأَنَّهُ لم يقف على مَا تقدم عَن ابْن سهل وإلَاّ فَهُوَ أولى مَا يرد بِهِ جَوَاب العبدوسي، وَقَالَ الإِمَام القَاضِي سَيِّدي عِيسَى السجتاني فِي نوازله: إِنَّمَا يشْتَرط التَّحْدِيد فِي صِحَة الحكم بِالْحَبْسِ، وَمن ظن أَنه شَرط فِي صِحَة الْحَبْس فَهُوَ غالط نعم يشْتَرط معرفَة الشَّيْء الْمحبس عِنْد إِرَادَة الحكم لِئَلَّا يلتبس بِالْمِيرَاثِ. وَحَيْثُ لَا لبس لَا يضر عدم التَّحْدِيد كَمَا إِذا قَالَ الْمحبس: حبست جَمِيع الْملك الْفُلَانِيّ فِي مَوضِع كَذَا اه. وَهَذَا كُله كَاف فِي رد جَوَاب العبدوسي، وَأما إِن تصدق عَلَيْهِ بِعَدَد كمائة من غنمه أَو عبيده فَإِن وسم الْغنم أَو وصفت بِأَعْيَانِهَا صحت وإلَاّ بطلت قَالَه الإِمَام مَالك. ابْن رشد: قَوْله هَذَا فِي الَّذِي تصدق على ابْنه بِعَدَد من غنمه أَو خيله هُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ وَقد كَانَ يَقُول فِي حيازته للعدد جَائِزَة وَإِن لم يسمهَا وَلَا قسمهَا كالجزء الْمشَاع اه. وَقد تحصل أَنه إِذا تصدق عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute