للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(ويكتفى بِصِحَّة الْإِشْهَاد) على الْحَوْز (إِن أعوز) أَي تعذر (الْحَوْز) الْحَقِيقِيّ من التطوف بِالْأَرْضِ وَنَحْوه (لعذر باد) قَالَ فِي كتاب الْهِبَة من الْمُدَوَّنَة: وَمن تصدق على رجل بِأَرْض فَإِن كَانَ لَهَا وَجه تحاز بِهِ من كِرَاء تكرى أَو حرث تحرث أَو غلق تغلق، فَإِن أمكنه شَيْء من ذَلِك فَلم يَفْعَله حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي فَلَا شَيْء لَهُ، وَإِن كَانَت أَرضًا قفاراً أَي خَالِيَة مِمَّا لَا تحاز بغلق وَلَا إكراء وَلَا أَتَى لَهَا إبان حرث تزرع فِيهِ أَو تمنح أَو يحوزها بِوَجْه يعرف حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي فَهِيَ نَافِذَة وحوز هَذِه الْإِشْهَاد، وَإِن كَانَت دَارا حَاضِرَة أَو غَائِبَة فَلم يحزها حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي بطلت وَإِن لم يفرط لِأَن لَهَا وَجها تحاز بِهِ اه. قَالَ فِي الْبَيَان: فرق ابْن الْقَاسِم بَين الدَّار الغائبة وَالْأَرْض الَّتِي لَا تمكن حيازتها فَقَالَ فِي الدَّار: إِنَّهَا بَاطِلَة إِذا لم يخرج لحوزها. وَقَالَ فِي الأَرْض: إِن مَاتَ الْمُتَصَدّق قبل إِمْكَان حيازتها اكْتفى بِالْإِشْهَادِ فِيهَا وَلم تبطل، وَلَا فرق بَينهمَا فِي الْمَعْنى فَهُوَ اخْتِلَاف من قَوْله اه بِاخْتِصَار. وَنَقله أَبُو الْحسن وَغَيره مُسلما، وبمثله أجَاب أَعنِي ابْن رشد لما سُئِلَ عَمَّن تصدق على ابْن لَهُ كَبِير بأملاك مُشْتَمِلَة على أَرض وحديقة أعناب ودور وأرحى وَأشْهد بذلك وَحَازَ الابْن بَعْضهَا وَالْبَاقِي لم يتطوف عَلَيْهِ وَلَا خرج إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي قطر مخوف من الْعَدو أهلكه الله لَا يَأْمَن فِيهِ من دخله وَلَا يجتاز عَلَيْهِ أحد إِلَّا على غرر ومخافة شَدِيدَة، وَالْأَب الْمَذْكُور لم يعْتَمر هَذَا الْموضع الْمخوف مُنْذُ ثَلَاثِينَ عَاما لهَذَا الْغرَر، ثمَّ مَاتَ الْأَب قبل أَن يحوز الْوَلَد هَذَا الْموضع الْمخوف بتطوف الشُّهُود عَلَيْهِ. فَقَالَ: إِذا حَال الْخَوْف اكْتفى بِالْإِشْهَادِ وَلَا تبطل الصَّدَقَة إِذا مَاتَ قبل إِمْكَان الْوُصُول إِلَيْهَا. هَذَا معنى مَا فِي الْمُدَوَّنَة اه. من أجوبته بِاخْتِصَار. قلت: وفتواه هَذِه جَارِيَة على مَذْهَب الْمُدَوَّنَة سَوَاء ألحقنا الدَّار بِالْأَرْضِ كَمَا هُوَ ظَاهره أَو ألحقنا الأَرْض بِالدَّار، لِأَن قَول الْمُدَوَّنَة: وَإِن لم يفرط الخ. مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يتهيأ لِلْخُرُوجِ أَو التَّوْكِيل كَمَا فِي الْبَيَان، فَعدم التَّفْرِيط حِينَئِذٍ صَادِق بالتهيء لِلْخُرُوجِ وَالتَّوْكِيل وباليأس من الْوُصُول إِلَى تِلْكَ الْأَمْلَاك، وَالَّذِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَة: أَنه لَيْسَ بِعُذْر هُوَ الأول دون الثَّانِي لِأَن التهيء وَالتَّوْكِيل لما حصل الْيَأْس من الْوُصُول إِلَيْهِ عَبث وَالْخُرُوج إِلَيْهِ تَكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق فَالْأول فِيهِ نوع مَا من التَّفْرِيط إِذْ لَا خوف فِيهِ بِخِلَاف الثَّانِي، وَبِهَذَا كُله يسْقط اعْتِرَاض الشَّيْخ الرهوني هَذِه الْفَتْوَى وَقَالَ تبعا لِابْنِ رحال: أَنَّهَا مَبْنِيَّة على القَوْل بِأَن عدم التَّفْرِيط فِي الْحَوْز لَا يضر وَهُوَ قَول أَشهب، ومذهبها أَنَّهَا مضرَّة فرط أَو لم يفرط فَلَا تغتر بذلك الِاعْتِرَاض أصلا إِذْ لَا يظْهر لَهُ وَلَا للبحث مَعَ ابْن رشد وَجه. وَقد تقرر من كَلَامهم أَن الْبَحْث لَا يدْفع الْفِقْه وَالله أعلم. وَقَوله فِي الْمُدَوَّنَة: أَو يحوزها بِوَجْه يعرف الخ. يَعْنِي بالتطوف عَلَيْهَا كَمَا تقدم أَنه بِهِ الْعَمَل أَي وَلَا أَتَى لَهَا إبان يحوزها فِيهِ الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>