وَيَنْفُذُ التَّحْبِيسُ فِي جَمِيعِ مَا مُحَبِّسٍ لِقَبضِهِ قَدْ تَقَدَّمَا (وَينفذ التحبيس) وَيتم (فِي جَمِيع مَا) أَي حبس (محبس) بِكَسْر الْبَاء (لقبضه قد تقدما) بِفَتْح الدَّال كَانَ الْحَبْس على غير معِين كالمساجد وَنَحْوهَا أَو على معِين وَلَو رشيدا حَاضرا فَإِذا قدم الْمحبس من يحوزه للمعين أَو غَيره جَازَ وَصَحَّ فيهمَا وَإِن لم يقدم وأبقاه بِيَدِهِ بَطل فيهمَا، وَمَفْهُوم التحبيس أَنه فِي الْهِبَة وَالصَّدَََقَة لَا ينفذ بِتَقْدِيم الْوَاهِب والمتصدق على الْحَوْز، وَهُوَ كَذَلِك إِذا كَانَ الْمَوْهُوب لَهُ حَاضرا رشيدا فَهُوَ مِيرَاث إِلَّا أَن يحوزه لنَفسِهِ قبل الْمَانِع فَإِن كَانَ غَائِبا أَو مَا فِي مَعْنَاهُ كالمحجور وَلَو سَفِيها أَو عبدا أَو كالمساجد والفقراء صَحَّ تَقْدِيمه، وَلَو كَانَ للمحجور ولي وَقدم الْوَاهِب غَيره كَمَا فِي الوثائق الْمَجْمُوعَة. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَة: وَمن وهب لصغير هبة وَقدم من يحوز لَهُ إِلَى أَن يبلغ فَذَلِك حوز كَانَ لَهُ أَب أَو وَصِيّ أَو لم يكن لِأَن هَذَا إِنَّمَا قدم من يحوزها خوف أَن يأكلها لَهُ الْوَلِيّ اه من الْمواق عِنْد قَوْله فِي الْحجر وَالْوَلِيّ الْأَب الخ. وَقَالَ فِي الشَّامِل: وَإِن قدم الْوَاقِف من يحوز لَهُ جَازَ، وَفِي الْهِبَة وَالصَّدَََقَة يجوز للْغَائِب فَقَط اه. وَالْفرق بَين الْهِبَة وَالْحَبْس أَن الْحَبْس لَيْسَ بِتَمْلِيك وَإِنَّمَا هُوَ إِجْرَاء غلَّة، وَأما الْملك فَهُوَ للْوَاقِف بِخِلَاف الْهِبَة، وَإِذا قدم الْأَب وَنَحْوه من يحوز للصَّغِير فَلَيْسَ لَهُ هُوَ أَن يحوز لَهُ بعد ذَلِك لِأَنَّهُ لما قدم الْغَيْر على حيازته صرفه عَنهُ وَأسْقط حَقه مِنْهَا، فَإِن عَاد إِلَى حيازته بَطل كَمَا فِي ابْن عَرَفَة قَالَ: وَلَو أشهد حِين رُجُوعهَا لَهُ أَن يحوزها لَهُ فَفِي صِحَّتهَا مُطلقًا أَو إِن وجد بِمن حازها لَهُ سفه أَو سوء ولَايَة. قولا مطرف وَابْن الْمَاجشون مَعَ أصبغ اه. وَمَفْهُوم قَوْله: محبس قد قدما أَنه إِذا وكل الْمحبس عَلَيْهِ من يقبضهُ لَهُ جَازَ بالأحرى، لِأَن قبض الْوَكِيل كقبض مُوكله وَسَوَاء كَانَ حَاضرا أَو غَائِبا وَهل يَكْفِي قبض غَيره لَهُ بِغَيْر تَوْكِيل؟ قَولَانِ. فَقَالَ مطرف: يَصح، وَقَالَ أصبغ وَرَوَاهُ ابْن الْقَاسِم: لَا يَصح إِلَّا بتوكيل قَالَه فِي ضيح، وَنَحْوه فِي بَاب الْهِبَة من الشَّامِل، وَيفهم من الْعزو أَن الثَّانِي هُوَ الرَّاجِح وَإِن كَانَ ظَاهر قَول النَّاظِم فِي الْهِبَة: وحوز حَاضر لغَائِب إِذا كَانَا شَرِيكَيْنِ بهَا قد أنفذا أَنه درج على قَول مطرف، لَكِن من الْمَعْلُوم أَن قَول الإِمَام مقدم على قَول غَيره، وَعَلِيهِ فَإِذا وهب على ولديه الرشيدين فحازها أَحدهمَا لنَفسِهِ ولأخيه بِغَيْر إِذن الْأَخ، ثمَّ مَاتَ هَذَا الْأَخ فوهب الْأَب الْجَمِيع للحائز الأول وَحَازَ حوزاً ثَانِيًا فَإِنَّهُ لَا شَيْء لأَوْلَاد الْأَخ الَّذِي لم يُوكل على الْحَوْز، وَكَذَا لَو كَانَ حَيا ووهب الْأَب نصِيبه للْأولِ كَمَا مرَّ فِي قَول (خَ) أَو وهب لثان وَحَازَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute