للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْقسم، فَإِن طَال الزَّمَان فِيمَا يندرس فِيهِ علم الْمُقَاسَمَة فَذَلِك بَاقٍ على حَاله وَلَا يقبل قَول من طلب الْقسم ثَانِيًا إِلَّا أَن يكون عِنْده بَيِّنَة وَلَو بِسَمَاع أَن ذَلِك كَانَ مِنْهُم على التجاوز والمسامحة دون الْمُقَاسَمَة، فليستأنف الْقسم فَمن وَقع حَقه فِيمَا بني أَو غرس فَهُوَ لَهُ، وَمن وَقع بِنَاؤُه فِي حق غَيره فليحلف مَا بني إِلَّا بمقاسمة ثمَّ يُخَيّر صَاحبه بَين أَن يُعْطِيهِ قيمَة الْبناء وَالْغَرْس قَائِما وَبَين أَن يُعْطِيهِ الْبَانِي قيمَة أرضه، وَإِن أَبَيَا كَانَا شَرِيكَيْنِ إِلَّا أَن تقوم بَيِّنَة قَاطِعَة أَنه حازه بِغَيْر مقاسمة، أَو ينكل عَن الْيَمين وَيحلف الآخر فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ قِيمَته منقوضاً أَو يَأْمر بقلعه فَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة قَاطِعَة أَو نكلاً أعطَاهُ قِيمَته قَائِما على مَا ذكرنَا اه. وَانْظُر مَا تقدم فِي المغارسة. الثَّانِي: ذكر (ح) آخر الْحِيَازَة مستدلاً بحيازة الدّين عَن سَماع يحيى أَن الْإِنْسَان إِذا أصدق لزوجة ابْنه أحقالاً وَبقيت بِيَدِهِ سِنِين حَتَّى مَاتَ فَأَرَادَتْ أَخذ ذَلِك فَقَالَ لَهَا الْوَرَثَة: قد عاينته زَمَانا وَهِي بِيَدِهِ وَلَا نَدْرِي وَلَعَلَّه أرضاك من حَقك أَتَرَى للْمَرْأَة فِي ذَلِك حَقًا؟ . قَالَ: نعم وَلَا يَضرهَا طول مَا تركت ذَلِك بيد أَب زَوجهَا لِأَن الصَدَاق لَيْسَ من الْأَثْمَان وَلَيْسَ هُوَ صَدَقَة حَتَّى يحْتَاج للحوز. قَالَ ابْن رشد: وَهَذِه الْمَسْأَلَة صَحِيحَة لَا إِشْكَال فِيهَا وَلَا اخْتِلَاف لِأَن حَقّهَا تركته فِي يَد حميها فَلَا يَضرهَا ذَلِك طَال الزَّمَان أم قصر، وَلَيْسَ هَذَا من وَجه الْحِيَازَة الَّتِي ينْتَفع بهَا الْحَائِز وَيفرق فِيهَا بَين الْقَرَابَة والأصهار إِذْ قد عرف وَجه كَون الأحقال بيد الحم فَهِيَ على ذَلِك مَحْمُولَة حَتَّى يعرف تصييرها إِلَيْهِ بِوَجْه صَحِيح لِأَن الْحَائِز لَا ينْتَفع بحيازته إِلَّا إِذا جهل أصل مدخله فِيهَا، وَهَذَا أصل فِي الحكم بالحيازة اه. فَقَوله لِأَن الْحَائِز لَا ينْتَفع بحيازته الخ. يَقْتَضِي أَن البَائِع الْحَائِز الْمدَّة الْمُعْتَبرَة بَين الْأَقَارِب والأصهار أَو بَين الْأَجَانِب وَادّعى أَنه رَجَعَ إِلَيْهِ بإقالة أَو شِرَاء لَا يقبل مِنْهُ لِأَنَّهُ قد عرف أصل مدخله، وَهُوَ كَونهَا كَانَت بِيَدِهِ وَقت العقد أَو الْمُسَامحَة وَنَحْوهَا، وَمثله تقدم عَن العبدوسي. وبكلام ابْن رشد هَذَا اسْتدلَّ الشَّيْخ الرهوني على أَن حِيَازَة البَائِع لَا يعْمل بهَا على المُشْتَرِي مِنْهُ وَلَو طَالَتْ وَادّعى الْإِقَالَة وَنَحْوهَا وَهُوَ مُخَالف لقَوْله: وَإِن يكن مُدعيًا إِقَالَة الخ. الَّذِي تَلقاهُ غير وَاحِد بِالْقبُولِ ومخالف لما مرّ عَن الرجراجي قَرِيبا من أَن من ادّعى الْقِسْمَة مَعَ طول الْمدَّة يصدق وَالْقِسْمَة بيع وَقد عرف وَجه دُخُوله وَهُوَ الْمُسَامحَة وَنَحْوهَا. وَمَا كَانَ يخفى على أُولَئِكَ الشُّيُوخ كَلَام ابْن رشد هَذَا لِأَن مَا قَالَه مَبْنِيّ على مذْهبه من أَن الْحَائِز لَا ينْتَفع بحيازته إِذا لم يدع ابتياعاً أَو هبة كَمَا مر عَنهُ، وَالْوَرَثَة إِنَّمَا قَالُوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة: لَا نَدْرِي، وَلَعَلَّه أرضاك من حَقك فَلم يجزموا بِالْخرُوجِ من يَدهَا بِالْبيعِ وَنَحْوه، وَلَو جزموا بذلك مَا جعل لَهُ الْقيام كَمَا مر عَنهُ. قَالَ أَبُو الْحسن على قَوْلهَا: حوز عشر سِنِين يقطع دَعْوَى الْحَاضِر مَا نَصه: وَهَذَا إِذا ادّعى الِانْتِقَال بِالْبيعِ وَنَحْوه، وَأما لَو لم يدع إِلَّا مُجَرّد الْحِيَازَة فَقَالَ ابْن رشد: لَا خلاف أَنه لَا يَنْفَعهُ لِأَنَّهُ مقرّ بِالْملكِ لغيره مكذب لشاهد الْعرف الَّذِي هُوَ الْحِيَازَة اه. وَلَكِن تقدم أَن الْعَمَل على خِلَافه وَأَن الِاتِّفَاق الَّذِي حَكَاهُ غير مُسلم. قَالَ الرجراجي: وَاخْتلف هَل يُكَلف الْحَائِز من أَي صَار لَهُ؟ على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا إِنَّه يُكَلف أَنه كَانَ بشرَاء أَو هبة، وَالثَّانِي أَنه لَا يُكَلف إِذا ادّعى أمرا لَا يُرِيد إِظْهَاره أَو لم يدع شَيْئا إِلَّا مُجَرّد الْحِيَازَة وَهُوَ قَول مطرف، وَهُوَ ظَاهر الْمُدَوَّنَة فِي الَّذِي قَامَت الدَّار بِيَدِهِ سِنِين يحوزها ويكري ويهدم، ثمَّ أَقَامَ رجل الْبَيِّنَة أَن الدَّار دَاره أَو أَنَّهَا لِأَبِيهِ حَيْثُ قَالَ: فَإِن كَانَ هَذَا الْمُدَّعِي حَاضرا يرَاهُ فَلَا حجَّة لَهُ وَذَلِكَ يقطع دَعْوَاهُ، وَلم يقل إِنَّه يسْأَل من أَيْن صَارَت إِلَيْهِ اه. بِلَفْظِهِ. وَقد تقرر عِنْدهم أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>