ظَاهر الْمُدَوَّنَة كالنص، وَلِهَذَا أفتى ابْن أبي زمنين وَغَيره، وَاقْتصر عَلَيْهِ ابْن يُونُس كَمَا مرّ، وَتقدم أَن الْعَمَل عَلَيْهِ وَأَنه إِنَّمَا يُكَلف بِالْبَيَانِ على القَوْل الَّذِي يفرق بَين البيع وَالْهِبَة وإلَاّ فَلَا فَائِدَة فِيهِ، وَإِذا علمت هَذَا فَالْوَجْه اعْتِمَاد مَا تقدم تحريره عِنْد قَوْله: وَإِن يكن مُدعيًا إِقَالَة الخ. وَإِنَّمَا أطلنا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وكررنا الْكَلَام فِيهَا مرَارًا لمسيس الْحَاجة إِلَيْهَا ولاعتماد الْكثير من طلبة الزَّمَان على كَلَام ابْن رشد وَالله أعلم. الثَّالِث: حِيَازَة الدُّيُون تقدم الْكَلَام عَلَيْهَا صدر الْبيُوع وَمِنْهَا الْوَصِيّ يقوم عَلَيْهِ الْيَتِيم بعد طول الزَّمَان وينكر قبض مَاله من الْوَصِيّ، فَإِن كَانَت مُدَّة يهْلك فِي مثلهَا شُهُود الْوَصِيّ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وإلَاّ فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة بِالدفع اه. نَقله (ح) قبيل مَا مر عَنهُ. الرَّابِع: تقدم فِي الْحَبْس أَن الْحَبْس لَا يحاز عَلَيْهِ، وَتقدم مَا فِيهِ حَيْثُ جرى الْعَمَل بِأَنَّهُ يُبَاع. وَاعْلَم أَن عدم المنازع وَنَحْوه كَعَدم التفويت فِي علمهمْ وَكَونه مَالا من أَمْوَاله إِنَّمَا شرطوه فِي الشَّهَادَة بِالْملكِ لَا فِي الشَّهَادَة بِالْحَبْسِ، وَإِنَّمَا شرطُوا فِي الشَّهَادَة بِهِ أَنَّهَا تحرم بِحرْمَة الأحباس كَمَا فِي ابْن سَلمُون وَغَيره، وَإِن كَانَ النَّص بذلك إِنَّمَا هُوَ فِي شَهَادَة السماع فالشهادة بِالْقطعِ كَذَلِك بل أولى لِأَنَّهَا أقوى مِنْهَا، وَيصِح قطعهم بذلك إِن كَانَ السماع مُفِيدا للْقطع، فَإِذا سمع مِمَّن لَا يُحْصى أَن هَذَا حبس على مَسْجِد كَذَا فَإِنَّهُ يعْتَمد الشَّاهِد على ذَلِك وَيقطع بِأَنَّهُ يحترم بِحرْمَة الأحباس وَلَا يسند ذَلِك إِلَى السماع، وَلَا سِيمَا إِن رأى نَائِب الْمَسْجِد الْمَذْكُور يتَصَرَّف لَهُ طول الْمدَّة وينسب ذَلِك إِلَيْهِ، ثمَّ إِذا وكل أهل الْمَسْجِد وَاحِدًا مِنْهُم يُخَاصم وَشهد باقيهم لذَلِك الْمَسْجِد بِمَا ذكر فَإِن شَهَادَتهم جَائِزَة كَمَا فِي (ح) عَن ابْن عَاتٍ فِي بَاب الشَّهَادَات وَلَا تتَوَجَّه يَمِين الِاسْتِحْقَاق على الْحَبْس وَلَا يَمِين الْقَضَاء، وَإِن شهد لِلْمَسْجِدِ شَاهد وَاحِد فَيجْرِي على قَول (خَ) فِي الشَّهَادَات وَإِن تعذر يَمِين بعض الخ. وَكَيْفِيَّة وَثِيقَة ذَلِك أَن تَقول: يعرف شُهُوده الْمحل الْفُلَانِيّ الْمَحْدُود بِكَذَا وَمَعَهَا يشْهدُونَ بِأَنَّهُ حبس على مَسْجِد كَذَا، وَأَنه يحاز بِمَا تحاز بِهِ الأحباس ويحترم بحرمتها إِلَى الْآن أَو إِلَى وَقت كَذَا، فَإِن كَانَت شَهَادَة سَماع قلت وَمَعَهَا يشْهدُونَ بِأَنَّهُم لم يزَالُوا يسمعُونَ سَمَاعا فاشياً من أهل الْعدْل وَغَيرهم أَنه حبس على بني فلَان أَو على مَسْجِد كَذَا ويعرفونه يحاز بِمَا تحاز بِهِ الأحباس ويحترم بحرمتها إِلَى الْآن أَو إِلَى وَقت كَذَا انْظُر ابْن سَلمُون وَغَيره. وَإِذا ثبتَتْ الشَّهَادَة بِالْقطعِ فَلَا إِشْكَال أَنه ينْزع بهَا من يَد الْحَائِز، وَكَذَا بِالسَّمَاعِ على ظَاهر ابْن عَرَفَة كَمَا تقدم عِنْد قَوْله فِي شَهَادَة السماع: وَحبس حَاز من السنين الخ. ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى مَفْهُوم قَوْله: إِن يحز أصلا فَقَالَ: وَفِي سوى الأصولِ حوزُ النَّاس بالعَامِ والعامَيْنِ فِي اللِّباسِ (وَفِي سوى الْأُصُول) من الْعرُوض وَالْحَيَوَان وَغَيرهمَا (حوز النَّاس) الْأَجَانِب يكون (بِالْعَام والعامين فِي اللبَاس) فحوز النَّاس مُبْتَدأ وَفِي سوى الْأُصُول يتَعَلَّق بِهِ وبالعام والعامين خَبره، وَفِي اللبَاس بدل من قَوْله فِي سوى الْأُصُول بدل بعض من كل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute