وَادّعى رَبهَا كراءها لَهُ ف (القَوْل قَول مدعي الْكِرَاء) لِأَن الْمُسْتَعِير ادّعى عَلَيْهِ مَعْرُوفا وَالْأَصْل عَدمه (فِي مَا) أَي فِي الشَّيْء الَّذِي (يستعار مَعَ يَمِين) مِنْهُ على ذَلِك فَيُؤْخَذ مِنْهُ توجه الْيَمين فِي دَعْوَى الْمَعْرُوف وَهُوَ الْمَشْهُور وَتقدم نَحوه فِي الضَّمَان (اقتفي) أَي اتبع نعت ليمين، فَإِن نكل حلف الْمُسْتَعِير فَإِن نكل غرم الْكِرَاء وَهَذَا مَا لم يكن مثله لَا يكْرِي الدَّوَابّ لشرف قدره وعلو منصبه وإلَاّ فَالْقَوْل للْمُسْتَعِير قَالَه ابْن الْقَاسِم وَهُوَ معنى قَوْله: مَا لَمْ يَكُن ذَلِكَ لَا يَليقُ بهِ فَقَلْبُ القَسَم التّحَقيقُ (مَا لم يكن ذَلِك لَا يَلِيق بِهِ) أَي بِالَّذِي ادّعى الْكِرَاء (فَقلب الْقسم) على الْمُسْتَعِير هُوَ (التَّحْقِيق) فَيحلف وَلَا كِرَاء عَلَيْهِ، فَإِن نكل حلف الْمُعير وَأخذ كراءه فَإِن نكل أَيْضا فَلَا شَيْء لَهُ (خَ) وَإِن ادَّعَاهَا الْآخِذ وَالْمَالِك الْكِرَاء فَالْقَوْل لَهُ بِيَمِين إِلَّا أَن يأنف مثله عَنهُ الخ. تَنْبِيهَات. الأول: مَا تقدم من كَون القَوْل لِرَبِّهَا وَلُزُوم الْكِرَاء ظَاهر إِذا كَانَ الشَّيْء قَائِما أَو قَامَت على هَلَاكه بَيِّنَة أَو كَانَ مِمَّا لَا يُغَاب عَلَيْهِ وَلم تقم بَيِّنَة بِأَنَّهُ تلف بتفريط مِمَّن كَانَ بِيَدِهِ، وَأما إِن كَانَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ وَلم تقم بَيِّنَة بتلفه فَمُقْتَضى كَون القَوْل لرَبه حَيْثُ كَانَ مثله لَا يأنف من ذَلِك أَنه يجب الْكِرَاء وَيسْقط الضَّمَان لِأَن الْكِرَاء لَا ضَمَان فِيهِ وَلَو فِيمَا يُغَاب عَلَيْهِ كَمَا مر، وَالْغَالِب حِينَئِذٍ أَن رَبهَا إِنَّمَا يَدعِي الْكِرَاء فِي هَذِه الصُّورَة إِذا كَانَ أَكثر من قيمَة ذَلِك الشَّيْء، فَإِن تَسَاويا فَالْمَال وَاحِد وَيظْهر أَنه لَا يَمِين على الْمَالِك إِذْ ذَاك لِأَنَّهُ قَادر على أَخذ ذَلِك بِإِقْرَار منازعه وَإِن كَانَ الْكِرَاء أقل فَلَا يَدعِيهِ غَالِبا وعَلى تَقْدِير ادعائه ذَلِك فَعدم الْحلف أَحْرَى من صُورَة الْمُسَاوَاة قَالَه الشَّيْخ الرهوني. الثَّانِي: عكس هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ أَن يَدعِي رَبهَا الْعَارِية وَيَدعِي الآخر الْكِرَاء لِئَلَّا يضمن قد تقدم حكمه فِي فصل أَحْكَام الْكِرَاء عَن ابْن سَلمُون وَصَاحب المعيار. الثَّالِث: سُئِلَ ابْن الْقطَّان عَمَّن ذهب إِلَى صهره يستعير مِنْهُ حمارة فَلم يجده وَوجد الحمارة فَأَخذهَا ثمَّ ردهَا وَهِي مَرِيضَة فعطبت فِي دَار صَاحبهَا، فَلَمَّا قدم صَاحبهَا أنكر مَرضهَا وَذهب إِلَى إغرام دَابَّته بعد أَن سكت مُدَّة من ثَلَاثَة أَعْوَام لم يطْلبهَا إِلَّا بعد خصام وَقع بَينهمَا. فَأجَاب بِأَن لَهُ طلب حَقه وَيضمن أَخذ الدَّابَّة قيمَة الدَّابَّة اه. نَقله ابْن سَلمُون. قلت: مَا لِابْنِ الْقطَّان ظَاهر إِذا لم تكن هُنَاكَ عَادَة بالإعارة وَإِلَّا فَلَا، وَظَاهر أَيْضا حَيْثُ لم يطْلبهَا إِلَّا لخصام وَقع بَينهمَا فقد قَالَ القوري فِي الْأَقَارِب والأصهار وَمن فِي معناهم: يَأْخُذ أحدهم مَتَاع الآخر من غير مشورته وَلَا إِذْنه، وَذَلِكَ على عَادَتهم وسيرتهم إِلَى أَن هلك بعض الْمَأْخُوذ من الْمُسْتَعِير لَا ضَمَان على الْمُسْتَعِير حَيْثُ ثبتَتْ عَادَتهم بذلك وَكَانَت مِمَّا لَا يُغَاب عَلَيْهِ وَهَلَكت لغير تَضْييع وَلَا تَفْرِيط. قَالَ: وَقد نَص اللَّخْمِيّ على أَن كل مَا لَا يطْلب إِلَّا عِنْد المشاجرة والمخاصمة لَا يحكم بِهِ لطالبه اه. وَنَحْوه فِي الْبُرْزُليّ عَن ابْن الْحَاج فِيمَن غارت عَلَيْهِم خيل الْعَدو، وعادتهم أَن من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute