فِيمَا تلف) مِنْهَا مُطلقًا كلا أَو بَعْضًا قبضهَا بإشهاد أم لَا. لِأَنَّهُ أَمِين وَيحلف إِن حققت عَلَيْهِ الدَّعْوَى كَانَ مِمَّن يتهم أم لَا. فَإِن لم تحقق عَلَيْهِ حلف الْمُتَّهم (و) فِي الثَّانِي القَوْل لَهُ أَيْضا (فِي ادِّعَاء ردهَا) لِرَبِّهَا (بعد الْحلف) مُتَّهمًا كَانَ أم لَا. حقق عَلَيْهِ رَبهَا الدَّعْوَى أَو اتهمه فَقَط فِي عدم الرَّد، فَإِن نكل حلف رَبهَا فِي دَعْوَى الرَّد مُطلقًا، وَفِي دَعْوَى التّلف إِن حقق عَلَيْهِ عَدمه فَإِن اتهمه فَقَط غرم بِمُجَرَّد نُكُوله وَمحل كَون القَوْل لَهُ فِي الرَّد. مَا لمْ يَكُن يَقْبَضُهُ ببَيِّنَه فَلَا غِنَى فِي الرَّدِّ إنْ يُبَيِّنَه (مَا لم يكن) الْمُودع بِالْفَتْح (يقبضهُ) أَي الشَّيْء الْمُودع (ببينه) مَقْصُودَة للتوثق وَتَقَدَّمت حَقِيقَتهَا فِي الْقَرَاض (ف) إِنَّه حِينَئِذٍ (لَا غنى) لَهُ (فِي) دَعْوَى (الرَّد) عَن (أَن يُبينهُ) وَيُقِيم الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَلَا تقبل دَعْوَاهُ الرَّد بِدُونِهَا إِذا مَا قبض بإشهاد لَا يبرأ مِنْهُ إِلَّا بِهِ. تَنْبِيه: من ادعِي عَلَيْهِ بوديعة فجحدها وَأقَام رَبهَا بَيِّنَة بالإيداع فَأَقَامَ الْمُودع بَيِّنَة بِالرَّدِّ فَهَل تقبل بَيِّنَة الْمُودع أم لَا؟ لِأَنَّهُ كذبهَا بالجحد الأول فِي ذَلِك خلاف جَار على ضمن الْإِقْرَار هَل هُوَ كصريحه أم لَا، وَقد تقدم قَول النَّاظِم: ومنكر للخصم مَا ادَّعَاهُ الخ. وَبَعْضهمْ يُقيد ذَلِك بِمن كَانَ عَارِفًا بِمَا يَتَرَتَّب على جَحده، فَحِينَئِذٍ لَا تَنْفَعهُ بَيِّنَة الرَّد وإلَاّ نفعته. وَاعْتمد هَذَا التَّقْيِيد (ح) والرهوني وَغَيرهمَا، وَفِيه نظر فَإِن الْمَعْمُول بِهِ هُوَ الْإِطْلَاق كَمَا مر فِي شرح نَص النّظم الْمَذْكُور وَنَحْوه فِي نظم الْعَمَل الْمُطلق حَيْثُ قَالَ: وَلَا تصدق جَاحد الْإِيدَاع من أَصله فِي الرَّد والضياع وَنقل عَن سَيِّدي مِصْبَاح وَغَيره أَن كَون مضمن الْإِقْرَار كصريحه هُوَ مَذْهَب الْمُدَوَّنَة، وَبِه الْعَمَل وَالْقَضَاء اه. وَكثير من النَّاس من يحْتَج لصِحَّة التَّقْيِيد الْمَذْكُور بقاعدة من ادّعى الْجَهْل فِيمَا يجهله أَبنَاء جنسه فَهُوَ مُصدق الخ. وَهِي قَاعِدَة مبحوث فِيهَا فَإِن صَاحب المعيار لما نقلهَا عَن أبي الْحسن قَالَ منكتاً عَلَيْهِ مَا نَصه؛ قَالَ ابْن رشد: الأَصْل فِي هَذَا أَن كل مَا يتَعَلَّق بِهِ حق الْغَيْر لَا يعْذر الْجَاهِل فِيهِ بجهله وَمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ حق الْغَيْر فَإِن كَانَ مِمَّا يَسعهُ ترك تعلمه عذر بجهله، وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يَسعهُ ترك تعلمه لم يعْذر بجهله، فَهَذِهِ جملَة كَافِيَة يرد إِلَيْهَا مَا شرد مِنْهَا اه. ونظم كَلَامه صَاحب الْمنْهَج، وَلذَا قَالُوا الْجَهْل بِالسَّبَبِ مُؤثر اتِّفَاقًا كتمكين الْمُعتقَة جاهلة بِالْعِتْقِ وَإِسْقَاط الشُّفْعَة قبل علمه بِالْبيعِ وَالْجهل بالحكم غير مُؤثر على الْمَشْهُور كتمكينها جاهلة أَن لَهَا الْخِيَار، وَإِسْقَاط الشُّفْعَة عَالما بِالْبيعِ جَاهِلا وُجُوبهَا اه. وَمَعَ هَذَا كُله فَلَيْسَ الْكَلَام فِي الْمَشْهُور من الْأَقْوَال، وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي الْمَعْمُول بِهِ مِنْهَا، وكل من حكى الْعَمَل من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين لَا يُقَيِّدهُ بالعارف بِمَا يَتَرَتَّب على حجره كَمَا تقدم، وَلَو حكمت تِلْكَ الْقَاعِدَة وَعمل بمقتضاها وَقُلْنَا يعْذر بِالْجَهْلِ فِي الحكم لم يقف عقد على سَاق، إِذْ النَّاس كلهم أَو جلهم عوام جهال إِلَّا الْفَرد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute