غلَّة تَسَاوِي مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يكون لَهُ خَمْسَة أَسْدَاس الْحَائِط وَثلث سدسه كَمَا فِي طفي. قلت: وَهَذَا فِي الْوَصِيَّة، وَأما مَا بتله الْمَرِيض من حبس أَو صَدَقَة أَو نَحْوهمَا، فَهُوَ وَإِن كَانَ يجْرِي على حكم الْوَصِيَّة فِي كَونه يَصح فِي الثُّلُث أَو فِيمَا حمل مِنْهُ لَكِن الْغلَّة إِذا حدثت بعد التبتيل فَإِنَّهَا تكون للمعطى لَهُ حَيْثُ حمل الثُّلُث قَالَه أَبُو الْحسن فِي كتاب الْحَبْس. قَالَ: وَالْفرق أَن لَهُ الرُّجُوع فِي الْوَصِيَّة وَلَا رُجُوع لَهُ فِي التبتيل قَالَ: فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يلفظ بِلَفْظ البتل أَو بِلَفْظ الْوَصِيَّة أَو بِلَفْظ يصلح لَهما، فَإِن لفظ بالبتل كَانَ بتلاً، وبالوصية كَانَ وَصِيَّة، وبالمحتمل ينظر للقرائن فَإِن لم تكن قرينَة فَإِن كَانَ فِي الصِّحَّة حمل على البتل لِأَنَّهُ الْغَالِب فِي الصَّحِيح، وَإِن كَانَ فِي الْمَرَض حمل على الْوَصِيَّة لِأَنَّهُ الْغَالِب فِيهِ اه. الثَّانِي: إِذا مَاتَ الْمُوصى لَهُ فِي حَيَاة الْمُوصي بطلت الْوَصِيَّة كَمَا مر، وَإِن مَاتَ بعده من قبل الْعلم بِالْوَصِيَّةِ أَو علم وَلم يقبل كَانَ ورثته مَكَانَهُ قَالَه اللَّخْمِيّ وَنَحْوه فِي الْمُدَوَّنَة. ابْن رحال: وَهَذَا هُوَ الرَّاجِح وَأَن الْوَارِث يتنزل منزلَة الْمُوصى لَهُ علم بذلك أم لَا. قبل ذَلِك الْمُوصى لَهُ قبل مَوته أم لَا. فَإِذا قبل بَعضهم ورد الْبَعْض الآخر فحظ من رد وَلم يقبل يرجع مِيرَاثا، وَإِذا رد الْمُوصى لَهُ الْوَصِيَّة فِي حَيَاة الْمُوصي فَلهُ قبُولهَا بعد مَوته كَمَا لِابْنِ الْحَاج عَن مَالك قَائِلا: لِأَنَّهُ ردهَا فِي وَقت لم تجب لَهُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تجب بِالْمَوْتِ. وَامْتَنَعَتْ لِوَارِثٍ إلاّ مَتَى إنْفَاذُ بَاقِي الْوَارِثِين ثَبتا (وامتنعت لوَارث) لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (إِن الله قد أعْطى لكل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث) (إِلَّا مَتى إِنْفَاذ بَاقِي الْوَارِثين ثبتا) أَي إِلَّا أَن يجيزها بَقِيَّة الْوَرَثَة فَهُوَ ابْتِدَاء عَطِيَّة مِنْهُم على الْمَشْهُور فتفتقر للحوز بمعاينة الْبَيِّنَة كَسَائِر العطايا، وَقد تقدم فِي الْحَبْس أَن الْحَوْز أقوى فِي الدّلَالَة على الْقبُول فَلَا وَجه لاعتراض الشَّيْخ الرهوني على مصطفى بِأَن الْقبُول العاري عَن الْحَوْز وَالْقَبْض لَا أثر لَهُ، فَإِن لم تحز حَتَّى حصل الْمَانِع من استحداث دين وَنَحْوه بطلت وَلَو كَانَ قد قبلهَا لِأَن الدّين الْحَادِث للمجيز من مَوَانِع الْحِيَازَة. (خَ) : وَبَطلَت إِن تَأَخّر لدين مُحِيط، وَقَوله فِي التَّوْضِيح: إِذا أجَاز الْوَارِث الْوَصِيَّة وَلَا دين عَلَيْهِ وَلم يقبل ذَلِك الْمُوصى لَهُ حَتَّى اسْتَدَانَ الْوَارِث أَو مَاتَ الخ. صَوَابه وَلم يقبض من الْقَبْض الَّذِي هُوَ الْحَوْز كَمَا فِي نقل (ح) والمتيطي وكما فِي مصطفى وشارح الْعَمَل، وَاعْتِرَاض الرهوني على مصطفى سَاقِط لَا وَجه لَهُ كَمَا مر. تَنْبِيهَانِ. الأول: ظَاهر النّظم أَن إجَازَة الْوَارِث لَازِمَة لَهُ وَلَو أجَاز فِي مرض الْمُوصي الَّذِي مَاتَ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِك لَكِن بِشُرُوط أَشَارَ لَهَا (خَ) بقوله: وَلُزُوم إجَازَة الْوَارِث بِمَرَض لم يَصح بعده إِلَّا لتبين عذر كَكَوْنِهِ فِي نَفَقَته الخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute