الثَّانِي: قَالَ الْبَاجِيّ: تجوز الْوَصِيَّة لِابْنِ وَارثه أَو لأحد من قرَابَته مِمَّن يظنّ أَنه يردهَا للْوَارِث. روى ذَلِك يحيى عَن ابْن الْقَاسِم وَقَالَهُ مَالك فِي الْمَجْمُوعَة، وَوَجهه أَنه وَصِيَّة لغير وَارِث وَمَا يظنّ بِهِ من صرف ذَلِك للْوَارِث لَا يمْنَع الْوَصِيَّة لِأَن مُقْتَضى ملكه لمن أوصى لَهُ بِهِ أَنه يُعْطِيهِ لمن شَاءَ، فَإِن قصد ذَلِك الْمُوصي فَهُوَ آثم قَالَ: وَلَا يَمِين على الْمُوصى لَهُ أَن الْوَصِيَّة على وَجه التوليج لِأَنَّهَا يَمِين تُهْمَة فِيمَا لَا يُمكن الِاحْتِرَاز مِنْهُ وَلَا الْمَنْع ثمَّ قَالَ: وَإِذا صرفه الْمُوصى لَهُ إِلَى الْوَارِث جَازَ ذَلِك وَكَانَ للْوَارِث أَخذه أَو تَركه اه. وَمَا ذكره من عدم الْيَمين نَحوه فِي ابْن سَلمُون عَن أصبغ، لَكِن قَالَ ابْن رشد: هُوَ جَار على الْخلاف فِي يَمِين التُّهْمَة يَعْنِي: وَالْمَشْهُور توجيهها. قَالَ: وَإِن قطع الْوَارِث بِأَن ذَلِك كَانَ توليجاً وَوجه الدَّعْوَى بذلك فاليمين وَاجِبَة بِاتِّفَاق اه. وَنقل (م) عَن أَوَائِل وَصَايَا المعيار إِنَّه إِذا اتهمَ أَن يكون اتّفق مَعَ الْمُوصى لَهُ أَن يردهَا على الْوَارِث وَأَن ذَلِك تحيل على الْوَصِيَّة للْوَارِث فَإِن الْمُوصى لَهُ يحلف للتُّهمَةِ الْمَذْكُورَة، فَإِن لم يحلف لم يُعْط الْوَصِيَّة اه. فَهُوَ جَار على توجه يَمِين التُّهْمَة. وَفِي الْمُنْتَخب وَصيته لأم وَلَده وَمَعَهَا ولد جَائِزَة وَلَا ترد الْوَصَايَا بالمظنة إِذْ الْأمة غير وارثة، وَفِيه أَن الزَّوْجَة لَا توصي لأم ولد زَوجهَا إِلَّا باليسير قَالَ: وَأما لأقارب زَوجهَا كأبويه وَصديقه الملاطف وكل مَا يخْشَى أَن يكون أَرَادَت أَن يرد ذَلِك على زَوجهَا فَهُوَ مَاض، وَلَو كَانَ الْإِيصَاء بِالْمهْرِ الَّذِي على زَوجهَا اه. وَهَذَا كُله إِذا لم يثبت أَنه أَرَادَ صرفهَا لبَعض الْوَرَثَة. قَالَ فِي المعيار عَن ابْن لب: إِن قَامَت شَهَادَة فِي الْعَهْد بِالثُّلثِ أَنه كَانَ من الْمعَاهد على وَجه الصّرْف على بعض الْوَرَثَة دون بعض فسد الْعَهْد وَصَارَ الْمَعْهُود بِهِ مِيرَاثا، وَالشَّهَادَة تكون بِالسَّمَاعِ أَي الفاشي أَو بِاشْتِرَاط من العاهد أَو باعتراف الْمَعْهُود لَهُ بذلك وَإِن لم تقم بَيِّنَة بذلك حلف الْمَعْهُود لَهُ أَن الْعَهْد لم يكن من العاهد على وَجه الصّرْف وَكَانَ لَهُ ملكا اه. وَلِلَّذِي أَوْصَى ارْتجَاعُ مَا يَرَى مِنْ غَيْرِ مَا بَتَّلَ أَوْ مَا دَبَّرَا (وللذي أوصى) فِي صِحَة أَو مرض بِعِتْق أَو غَيره (ارتجاع مَا يرى) من وَصيته كلهَا أَو بَعْضهَا أَو تغيرها لِأَنَّهَا لَا تلْزم إِلَّا بِالْمَوْتِ كَمَا مر (من غير مَا بتل) فِي مَرضه من صَدَقَة وَعتق وَأَحْرَى فِي صِحَّته (أَو مَا دبرا) فيهمَا أَيْضا فَإِنَّهُ لَا رُجُوع فِيمَا بتل أَو دبر. قَالَ فِي المعونة: الْوَصِيَّة فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض سَوَاء لِأَنَّهَا تنفذ بعد الْمَوْت وَلَيْسَت بلازمة وَله الرُّجُوع فِيهَا مَتى شَاءَ إِلَّا التَّدْبِير فَلَا رُجُوع فِيهِ لِأَنَّهُ إِيجَاب فِي الْحَيَاة، وَإِن كَانَ لَهُ حكم الْوَصِيَّة من بعض الْوُجُوه وَهُوَ خُرُوجه من الثُّلُث، وَكَذَلِكَ الْعتْق المبتل فِي الْمَرَض اه. وَالصَّدَََقَة وَنَحْوهَا فِي الْمَرَض مثل الْعتْق فِيهِ فَإِنَّهَا تخرج من الثُّلُث إِن مَاتَ مِنْهُ وَلَا رُجُوع لَهُ فِيهَا. انْظُر مَا تقدم فِي التَّدْبِير، وَظَاهر قَوْله: ارتجاع مَا يرى الخ. سَوَاء كَانَ الارتجاع فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض كَانَ بالْقَوْل كرجعت عَنْهَا أَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute