الْمُعْتَمد الَّذِي عَلَيْهِ الجادة وَلَا يعدل عَنهُ إِلَى سواهُ وَإِن صَحَّ تشهيره وَالله أعلم. ثمَّ بعد كتبي هَذَا وقفت على رُجُوع (ت) عَمَّا حَكَاهُ عَن الْبَيَان من التشهير انْظُر نَصه فِي نَوَازِل الضَّرَر من نوازلنا. تَنْبِيهَانِ. الأول: هَل يمْنَع أَرْبَاب النَّحْل أَو الْحمام أَو الدَّجَاج من اتِّخَاذه حَيْثُ أضرت بِالنَّاسِ فِي زروعها وبساتينها، وَهُوَ رِوَايَة مطرف عَن مَالك وَعدم مَنعهم وعَلى أَرْبَاب الزَّرْع وَالشَّجر حفظهَا وَهُوَ قَول لِابْنِ الْقَاسِم وَابْن كنَانَة. قَالَ ابْن حبيب: وَلَا يُعجبنِي قَول ابْن الْقَاسِم، بل قَول مطرف أحب إِلَيّ، وَبِه أَقُول وَهُوَ الْحق إِن شَاءَ الله ابْن عَرَفَة: هَذِه النَّازِلَة تقع كثيرا وَالصَّوَاب أَن يحكم فِيهَا بقول مطرف وَابْن حبيب، وَإِن كَانَ خلاف قَول ابْن الْقَاسِم لِأَن منع أَرْبَاب الْحَيَوَان أخف ضَرَرا من ضَرَر أَرْبَاب الزَّرْع وَالثِّمَار لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُم حفظهَا وَلَا يُمكنهُم نقل زرعهم وَلَا أَشْجَارهم، وَإِذ التقى ضرران ارْتكب أخفهما قَالَ: وَبَعْضهمْ يذكر ارْتِكَاب أخف الضررين حَدِيثا، وَبَعْضهمْ يذكرهُ أثرا، وَبَعْضهمْ يذكرهُ حكما مجمعا عَلَيْهِ اه. وَمَا ذكره ابْن عَرَفَة من تصويبه لقَوْل مطرف نَحوه لعيسى حَسْبَمَا فِي نَوَازِل الضَّرَر من المعيار قَائِلا: هَذِه الْأَشْيَاء لَا يُسْتَطَاع الِاحْتِرَاز مِنْهَا، وَقد قيل فِيمَن لَهُ كوى فِي حَائِطه تَجْتَمِع فِيهَا البراطيل فتؤذي النَّاس فِي زُرُوعهمْ أَنه يُؤمر بسدها. وَقَالَ مَالك أَيْضا فِي الدَّابَّة الضارية بإفساد الزَّرْع تغرب أَو تبَاع على صَاحبهَا لِأَنَّهُ لَا يُسْتَطَاع الِاحْتِرَاز مِنْهَا. وَانْظُر مَا مر آخر فصل الْإِجَارَة فِي الدَّوَابّ تتْلف الزَّرْع وَنَحْوه. الثَّانِي: ظَاهر النّظم أَن ضَرَر الْأَصْوَات غير مُعْتَبر، وَحكى ابْن نَاجِي فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال. قيل بلغوه مُطلقًا قَالَ: وَبِه الْعَمَل عندنَا، وَقيل يمْنَع مُطلقًا قَالَه ابْن عتاب، وَبِه أفتى شُيُوخ طليطلة، وَقيل إِن عمل بِالنَّهَارِ فَالْأول وبالليل فَالثَّانِي، وَقيل: يجوز إِن خف وَلم يكن فِيهِ كَبِير مضرَّة اه. وَمَا حكى بِهِ الْعَمَل هُوَ الْمَشْهُور قَالَ فِي المعيار عَن ابْن رشد: وَالْمَشْهُور عدم منع الْأَصْوَات مثل الْحداد والكماد والنداف اه. وَظَاهره وَلَو اشْتَدَّ ودام وَهُوَ ظَاهر (خَ) أَيْضا حَيْثُ قَالَ عاطفاً على مَا لَا يمْنَع مِنْهُ وَصَوت ككمد الخ. وَقَالَ ابْن رحال فِي شَرحه بعد: نقُول قد تبين من هَذَا أَن الصَّوْت إِذا كَانَ قَوِيا مستداماً فِي اللَّيْل فَإِنَّهُ يمْنَع على مَا يظْهر رجحانه من النقول اه. فَانْظُرْهُ. وَهُوَ عَلَى الحُدُوثِ حَتَّى يَثْبُتَا خِلافُهُ بِذَا القَضَاءُ ثَبَتَا (وَهُوَ) أَي الضَّرَر إِذا تنَازعا فِي قدمه وحدوثه مَحْمُول (على الْحُدُوث حَتَّى يثبتا خِلَافه بذا) أَي بِهَذَا القَوْل (الْقَضَاء) وَالْعَمَل (ثبتا) عِنْد الموثقين كَابْن سَلمُون وَابْن فَرِحُونَ وَصَاحب الْمُفِيد والمتيطي وَغَيرهم وَهَذَا على أَن الضَّرَر يحاز بِمَا تحاز بِهِ الْأَمْلَاك كَمَا يَأْتِي فِي فصل مسْقط الْقيام بِالضَّرَرِ. وَأما على القَوْل بِأَنَّهُ لَا يحاز بِمَا تحاز بِهِ الْأَمْلَاك فَلَا يحْتَاج إِلَى النّظر فِي كَونه قَدِيما أَو حَادِثا بل يجب رَفعه وإزالته وَلَو طَالَتْ حيازته. وَإنْ يكن تَكَشّفاً فَلَا يُقَرْ بِحَيْثُ الأشْخاصُ تَبِينُ والصُّوَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute