كل من يطلع إِلَى السَّطْح ينظر لما فِي دَار الْجَار فَطلب مِنْهُ إِعَادَة الستْرَة فَحكم بِعَدَمِ إِعَادَتهَا وَلَكِن ينذرهم إِذْ صعد إِلَى سطحه قَالَ: وَسَأَلت القَاضِي ابْن عبد الرفيع عَمَّن أحدث كوَّة يرى مِنْهَا سطوح جِيرَانه وَبَعض الْجِيرَان يتَصَرَّف فِي سطحه بالنشر وَنَحْوه. فَقَالَ: لَا يمْنَع اه. قلت: تَأمل قَوْله: لَا يمْنَع فَإِنَّهُ مُخَالف مَا قَالُوهُ من أَن الْبُسْتَان الَّذِي يتَرَدَّد ربه إِلَيْهِ بالأهل وَلَو فِي بعض الْأَوْقَات على الْمَعْمُول بِهِ كَانَ بِهِ بِنَاء أم لَا. كَمَا قَالَه ابْن زيتون فَإِنَّهُ يمْنَع من إِحْدَاث المتكشف عَلَيْهِ والسطوح أَكثر تردداً وَأقوى فَمَا قَالُوهُ من عدم الْمَنْع مُقَابل وَالله أعلم. الثَّالِث: من بنى عَرصَة وَفتح فِيهَا أبواباً أَو كوَّة يطلع مِنْهَا على قاعة غَيره فَأَرَادَ صَاحب القاعة مَنعه وَقَالَ: هَذَا يضرني إِذا بنيت أَنا قاعتي دَارا، فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: وَهُوَ الْأَصَح كَمَا فِي الشَّامِل إِنَّمَا يمنعهُ إِذا بنى فَيَقْضِي عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بسدها وَلَا يمنعهُ قبل الْبناء، وَقَالَ مطرف: يمنعهُ مُطلقًا. وَقَالَ ابْن الْمَاجشون: لَا يمنعهُ مُطلقًا. وَمَا بِنَتْنِ الرِّيح يُؤْذِي يُمْنَعُ فَاعِلُهُ كَالدَّبْغِ مَهْمَا يَقَعُ (وَمَا بنتن الرّيح يُؤْذِي) جَاره (يمْنَع) مِنْهُ (فَاعله) ومحدثه وَذَلِكَ (كالدبغ) والمجزرة والمرحاض الَّذِي لَا يغطيه (مهما يَقع) لِأَن الرَّائِحَة المنتنة تخرق الخياشيم وَتصل إِلَى الأمعاء فتؤذي الْإِنْسَان وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَسْبَمَا فِي الْمُوَطَّأ: (من أكل من هَذِه الشَّجَرَة يَعْنِي الثوم فَلَا يقرب مَسْجِدنَا يؤذينا) . وَتقدم قَول (خَ) ورائحة كدباغ. وَقَول مَنْ يُثْبِتْهُ مُقَدَّمُ عَلَى مَقالِ مَنْ بِنَفْيٍ يَحْكُمُ (وَقَول من) أَي شَاهد (يُثبتهُ) أَي الضَّرَر (مقدم) عِنْد التَّعَارُض (على مقَال من) أَي شَاهد (بِنَفْي) لَهُ (يحكم) أَي يشْهد قَالَه فِي الْمُتَيْطِيَّة. قَالَ فِي التَّبْصِرَة: وَبِه الْقَضَاء وَعَلِيهِ الْعَمَل أَي لِأَن الْمُثبت مقدم على من نفى كَمَا مر آخر الشَّهَادَات خلافًا لما فِي المعيار من أَنه ينظر إِلَى أعدل الْبَيِّنَتَيْنِ، وَإِذا شهد بِنَفْي الضَّرَر وَحكم بِمُقْتَضَاهُ ثمَّ تبين خِلَافه نقض الحكم قَالَه فِي الوثائق الْمَجْمُوعَة يَعْنِي: وَكَذَلِكَ إِذا شهد بِالضَّرَرِ ثمَّ تبين خِلَافه. وَإن جِدَارٌ ساتِرٌ تَهَدَّمَا أَوْ كَانَ خَشْيَةَ السُّقُوطِ هُدِّمَا (وَإِن جِدَار سَاتِر) بَين دارين مَمْلُوك لأَحَدهمَا فَقَط وَلَيْسَ بمشترك (تهدما) وَحده بِأَمْر سماوي (أَو كَانَ) لم يتهدم وَحده بل (خشيَة السُّقُوط هدما) أَي هَدمه مَالِكه لميلانه وتلاشيه وخشية سُقُوطه وَلَو بِقَضَاء الْحَاكِم عَلَيْهِ بذلك لخشية سُقُوطه على الْمَارَّة أَو على الْجَار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute