فَمَنْ أَبَى بِنَاءَهُ لَنْ يُجْبَرَا وَقيلَ لِلطَّالِبِ إنْ شِئْتَ اسْتُرَا (فَمن أَبى بناءه) أَي السَّاتِر الْمُتَهَدِّم وَحده أَو خشيَة السُّقُوط (لن يجبرا) عَلَيْهِ إِذا طلبه صَاحبه على الْأَصَح وَهُوَ قَول ابْن الْقَاسِم (وَقيل) أَي وَالْحكم إِذا لم يجْبر أَن يُقَال (للطَّالِب إِن شِئْت استرا) على نَفسك أَو اترك وَظَاهره أَنه لَا يجْبر، وَإِن كَانَ قَادِرًا على بنائِهِ وَهُوَ كَذَلِك على الْمَشْهُور فَلَو قَالَ الْمَالِك: إِنِّي مُحْتَاج إِلَى هَدمه فَقَالَ مطرف وَابْن الْمَاجشون: ينظر الْحَاكِم فِي ذَلِك فَإِن ظهر صدقه ترك يصلح على نَفسه وَأمر بإعادته للسترة الَّتِي قد لَزِمته. وَقَالَ أصبغ: لَا تلْزمهُ إِعَادَته. ابْن حبيب: وَبقول مطرف أَقُول نَقله فِي ضيح، فَلَو قَالَ الْجَار للْمَالِك: أَعْطِنِي أَرض حائطك بترابه وَعلي الطوب وَالنَّفقَة فَإِذا تمّ حملنَا عَلَيْهِ مَعًا فَقَالَ سَحْنُون: لَا يجوز لِأَنَّهُ عقد لغير أجل مَعْلُوم وَلَا سمى كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يحمل عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فعلى رب القاعة وَالتُّرَاب أَن يُعْطي لرب الطوب وَالْعَمَل قيمَة طوبه وَعَمله وَيكون الْجِدَار لَهُ وَلَو سَأَلَ من ذِي الْجِدَار المائل أَن يَأْذَن لَهُ فِي هَدمه وبنائه لَهُ على أَن يحمل عَلَيْهِ فَفعل فَقَالَ ابْن دِينَار: سَبِيل هَذَا سَبِيل الشِّرَاء فَلَيْسَ لرب الْحَائِط أَن يرفع خشب الْبَانِي عَنهُ وَإِن احْتَاجَ إِلَيْهِ. ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَفْهُوم مَا مرّ وَهُوَ مَا إِذا تعمد الْهدم فَقَالَ: وعامِدٌ لِلْهَدْمِ دون مُقْتَضِ عليْهِ بالبِنَاء وحدَهُ قُضِي (وعامد للهدم) للجدار السَّاتِر بَينه وَبَين جَاره (دون) مَنْفَعَة لَهُ فِي الْهدم وَلَا (مُقْتَض) لذَلِك بل إِنَّمَا قصد بِهِ الضَّرَر لجاره أَو الْعَنَت (عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ وَحده) حَال والمجروران متعلقان بقوله: (قضي) وَالْجُمْلَة خبر عَامِد أَي قضى عَلَيْهِ بإعادته كَمَا كَانَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مضار بجاره (خَ) : وَقضى بِإِعَادَة السَّاتِر لغيره أَن هَدمه ضَرَرا لَا لإِصْلَاح أَو انْهَدم الخ. وَظَاهر كَلَام (خَ) هَذَا كَغَيْرِهِ أَنه يجْبر على إِعَادَته وَلَو لم يكن لَهُ مَال يَعْنِي وَيُبَاع مِمَّن يبنيه وَهُوَ الَّذِي لِابْنِ رشد عَن سَماع يحيى وَعِيسَى وَهُوَ الْمُعْتَمد كَمَا يدل عَلَيْهِ ابْن عَرَفَة، وَقيل إِنَّمَا يجْبر على إِعَادَته إِذا كَانَ لَهُ مَال وَإِلَّا أدب وَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَعَلِيهِ عول النَّاظِم فَقَالَ: إنْ كانَ ذَا وَجْهٍ وَكانَ مَالَهُ وَالْعَجْزُ عَنْهُ أدباً أنَالهُ (إِن كَانَ ذَا وَجه) أَي مَحل الْقَضَاء عَلَيْهِ بإعادته كَمَا كَانَ إِذا كَانَ الهادم ذَا مَال (وَكَانَ) الْجِدَار (مَاله) أَي ملكه وَحده، وَهَذَا قيد فِي أصل الْمَسْأَلَة أَي وَإِن جِدَار سَاتِر تهدما وَكَانَ مَاله أَي غير مُشْتَرك (وَالْعجز عَنهُ) أَي عَن بنائِهِ حَيْثُ هَدمه ضَرَرا (أدبا) مفعول بقوله (أناله) وَالْجُمْلَة خبر الْعَجز، وَمَفْهُوم قَوْله: مَاله أَنه إِذا كَانَ لغيره فَعَلَيهِ قِيمَته إِلَّا أَن يكون وَقفا فَعَلَيهِ إِعَادَته على خلاف فِيهِ كَمَا مر فِي بَاب الْحَبْس، وَأما إِن كَانَ مُشْتَركا فَهُوَ قَوْله: وإنْ يكن مُشْتَركاً فَمَنْ هَدَمْ دُونَ ضَرُورَةٍ بنَاءَهُ التَزَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute