للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَألف اه. كَلَام النَّاظِم بِلَفْظِهِ فِي شَرحه للبيتين. وَقَالَ الرعيني فِي كتاب الْغَصْب مَا نَصه قَالَ مَالك فِيمَن دخل عَلَيْهِ السراق فسرقوا مَتَاعه وانتهبوا مَاله وَأَرَادُوا قَتله فنازعهم وحاربهم ثمَّ ادّعى أَنه عرفهم أَو لم يعرفهُمْ أهوَ مُصدق عَلَيْهِم إِذا كَانُوا معروفين بِالسَّرقَةِ مستحلين لَهَا؟ قَالَ: هُوَ مُصدق وَقد نزلت مثل هَذِه بِالْمَدِينَةِ فِي زمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دخل عَلَيْهِ السراق فانتهبوا مَاله وجرحوه، فَلَمَّا أصبح حمل إِلَى عمر فَقَالَ: إِنَّمَا فعل بِي هَذَا فلَان وَفُلَان وَقد انتهبوا مَالِي فأغرمهم عمر بقوله، ونكلهم وَلم يكلفه الْبَيِّنَة عَلَيْهِم اه. بِاللَّفْظِ. وَنَقله ابْن فَرِحُونَ، وَغَيره وَنَحْوه ورد عَن يحيى بن يحيى، وبمثله أفتى الحفار حَسْبَمَا فِي نَوَازِل الْبيُوع من المعيار قَائِلا قَالَ الْفُقَهَاء: من عرف بِالتَّعَدِّي وَالظُّلم يغلب الحكم فِي حَقه فَمن ادّعى على من بِهَذِهِ الْحَالة فَيحلف الطَّالِب وَيسْتَحق مَا طلب اه. وَنَحْوه رَوَاهُ أَشهب عَن مَالك فِي الْمَرْأَة تَدعِي على المشتهر بِالْفِسْقِ أَنه اغتصبها وَتَأْتِي مُتَعَلقَة بِهِ، فَإِنَّهُ يجب لَهَا عَلَيْهِ صدَاق مثلهَا، وَبِه صدر فِي الْمُقدمَات والتصدير من عَلَامَات التشهير، وَلَا سِيمَا وَهُوَ قَول الإِمَام الْأَعْظَم، وَمَعْلُوم تَقْدِيمه على قَول ابْن الْقَاسِم وَسَيَأْتِي ذَلِك عِنْد قَوْله: وَفِي وجوب الْمهْر خلف مُعْتَبر وَلَا فرق بَين الْفروج وَالْأَمْوَال، وَلِأَن الْفرج هُنَا آيل لِلْمَالِ وَعَلِيهِ فناظم الْعَمَل إِنَّمَا عَنى بنظمه هَذَا الْفِقْه، وَأَن الْمَعْرُوف بالظلم والتعدي يقْضى عَلَيْهِ بِمُجَرَّد دَعْوَى الْمُدَّعِي أَنه غصبه أَو سَرقه، وَأَنه غصبه قدر كَذَا. وَقد اعْتمد المكناسي فِي مجالسه هَذَا الْفِقْه، وَكَذَا الْقَرَافِيّ كَمَا مر فِي التَّنْبِيه الثَّالِث عِنْد قَوْله: فالمدعي من قَوْله مُجَرّد الخ. فَقَوله: لوالد الْقَتِيل يَعْنِي ادّعى عَلَيْهِم أَنهم قَتَلُوهُ ونهبوه أمتعته، وَمن جملَة المنهوب دَرَاهِم قدرهَا كَذَا، وَلَا يُرِيد خُصُوص أَنهم أقرُّوا بِالْقَتْلِ أَو ثَبت بِالْبَيِّنَةِ كَمَا هِيَ مَسْأَلَة الصرة الْآتِيَة عَن الْعُتْبِيَّة، وَفهم من قَوْله: إِذا ادّعى دَرَاهِم الخ. أَنه إِذا ادّعى ذَلِك تَحْقِيقا وَأَنه يعْمل بِدَعْوَاهُ فِي المَال فَقَط لَا فِي الْقَتْل، فَإِن الْمُدعى عَلَيْهِ لَا يقتل بِمُجَرَّد الدَّعْوَى لخطر الدِّمَاء وَالدَّعْوَى بِمَا يؤول لِلْمَالِ كَالْمَالِ لَا يَأْتِي فِي فصل الاغتصاب وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ، وَإِن كَانَ لَا يقتل لَكِن يضْرب ويطال سجنه حَتَّى يَأْتِي عَلَيْهِ السنون الْكَثِيرَة كَمَا يَأْتِي فِي الدِّمَاء، وَفهم من قَوْله فِي هَذِه النَّازِلَة وَمثلهَا، وَمن وَقَوله: والظالم أَحَق أَن يحمل عَلَيْهِ، وَمن قَوْله: رجحها الْعلمَاء للْمصَالح، وَمن قَوْله: وَقد انحشر النَّاس للشكوى بالمظالم إِلَى غير ذَلِك أَنه لَا مَفْهُوم لقتيل وَلَا لدراهم، بل كَذَلِك لَو كَانَت الدَّعْوَى بِالدَّرَاهِمِ وَالْقَتْل أَو بِالدَّرَاهِمِ فَقَط أَو بِالْحَيَوَانِ أَو الْعرُوض أَو غير ذَلِك، وَإِنَّمَا الْمدَار على كَون الدَّعْوَى على مَعْرُوف بِالتَّعَدِّي وَالظُّلم كقبائل الزَّمَان، فَإِن جلهم وغالبهم مَعْرُوف بالتهمة وَالْفساد وَالْحمل على الْغَالِب وَاجِب. وَقد قَالَ الشَّيْخ (م) فِي بعض فَتَاوِيهِ: قد آل بِنَا الْحَال إِلَى أَن يتبع الْمُسَافِرين بعض مَرَدَة أهل الْبَلَد وَنَحْوهَا مِمَّا قرب من الْبَلَد فيسفكون دِمَاءَهُمْ وينهبون أَمْوَالهم ويرجعون إِلَى الْبَلَد بالأمتعة فَلَا ينْتَقم مِنْهُم، وَلَا يستفتي عَن حكمهم، بل وَإِلَى مَا هُوَ أعظم من هَذَا من الْقَتْل صبرا وَنهب الْأَمْوَال من الدّور والحوانيت ثمَّ يكْتَسب فَاعل ذَلِك التَّعْظِيم والاحترام فضلا عَن عدم النكير عَلَيْهِ وَالضَّرْب على يَده مَعَ كَلَامه، وَإِذا كَانَ مثل هَذَا يَقع فِي حَضْرَة فاس كَمَا حَكَاهُ وكما هُوَ مشَاهد الْآن فِي وقتنا هَذَا، فَكيف بالبوادي وقبائل الزَّمَان؟ حَتَّى صَار قَاتل النَّفس لَا يضْرب فضلا عَن الْقصاص، وَالسَّارِق لَا يسجن فضلا عَن قطعه، بل كل مِنْهُمَا يعظم ويحترم وَلَا يشْهد أحد عَلَيْهِ، وَلِهَذَا جرى الْعَمَل بإغرامهم بِمُجَرَّد الدَّعْوَى زجرا لَهُم ولأمثالهم، وَعَلِيهِ فَلَا يحْتَاج

<<  <  ج: ص:  >  >>