(وَإِن يكن مطالباً) بِفَتْح اللَّام خبر يكن وَاسْمهَا (من يتهم) وَيجوز كسرهَا على أَنه خبر يكن أَيْضا وَاسْمهَا ضمير يعود على رب الْمَتَاع وَمن يتهم مفعول بالْخبر الْمَذْكُور (فَمَا لَك بِالضَّرْبِ والسجن حكم) كَمَا مرّ عَن الْقَرَافِيّ وَغَيره عِنْد قَوْله: وَالْقَوْل للْغَاصِب فِي دَعْوَى التّلف وَظَاهره أَنه أطلق الْمُتَّهم على مَا يَشْمَل مَجْهُول الْحَال لِأَنَّهُ جعله قسما للمعروف بِالْفَضْلِ وَنَحْوه فِي التَّبْصِرَة قَائِلا مَجْهُول الْحَال عِنْد الْحَاكِم الَّذِي لَا يعرف ببر وَلَا فجور إِذا ادعِي عَلَيْهِ بتهمة فَإِنَّهُ يحبس حَتَّى يكْشف حَاله. هَذَا حكمه عِنْد عَامَّة عُلَمَاء الْإِسْلَام وَالْمَنْصُوص عِنْد أَكثر الْأَئِمَّة أَنه يحْبسهُ القَاضِي أَو الْوَالِي وَهُوَ مَنْصُوص لمَالِك وَأَصْحَابه اه. وَقَالَ قبل ذَلِك: إِن الْمُتَّهم بِالْفُجُورِ كالسرقة وَقطع الطَّرِيق وَالْقَتْل وَالزِّنَا لَا بُد أَن يكْشف ويستقصي بِقدر تهمته بذلك وشهرته بِهِ، وَرُبمَا كَانَ بِالضَّرْبِ قَالَ: وَلَيْسَ تَحْلِيفه وإرساله مذهبا لأحد من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَلَا غَيرهم، وَلَو حلفنا كل وَاحِد مِنْهُم وأطلقناه مَعَ الْعلم باشتهاره بِالْفَسَادِ فِي الأَرْض وَكَثْرَة سرقاته وَقُلْنَا: لَا نَأْخُذهُ إِلَّا بشاهدي عدل كَانَ ذَلِك مُخَالفا للسياسة الشَّرْعِيَّة، وَمن ظن أَن الشَّرْع تَحْلِيفه وإرساله فقد غلط غَلطا فَاحِشا مُخَالفا لنصوص رَسُول الله صلوَات الله عَلَيْهِ ولإجماع الْأَئِمَّة قَالَ: وَقد تقدم أول الْبَاب من أَفعَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يدل على عُقُوبَة الْمُتَّهم وحبسه. وَاعْلَم أَن هَذَا النَّوْع من المتهمين يجوز ضربه وحبسه لما قَامَ على ذَلِك من الدَّلِيل الشَّرْعِيّ قَالَ: وَفِي أَحْكَام ابْن سهل إِذا وجد عِنْد الْمُتَّهم بعض الْمَتَاع الْمَسْرُوق وَادّعى أَنه اشْتَرَاهُ وَلَا بَيِّنَة لَهُ لم يُؤْخَذ مِنْهُ غير مَا بِيَدِهِ، فَإِن كَانَ مَجْهُول الْحَال فعلى السُّلْطَان حَبسه والكشف عَنهُ، وَإِن كَانَ مَعْرُوفا بِالسَّرقَةِ حبس حَتَّى يَمُوت فِي السجْن اه. وَنَحْوه لِابْنِ يُونُس عَن مطرف وَابْن الْمَاجشون وَأصبغ، وَتقدم مثله عَن مَالك عِنْد قَوْله: وَالْقَوْل للْغَاصِب، وَقَوله: لم يُؤْخَذ مِنْهُ غير مَا بِيَدِهِ الخ. هَذَا إِنَّمَا يتمشى على الْمَشْهُور لَا على مَا مر فِي الْغَصْب من أَن الْعَمَل مُؤَاخذَة الْمُتَّهم بالغرامة بِمُجَرَّد الدَّعْوَى فضلا عَن كَون بعض الْمَسْرُوق قد وجد بِيَدِهِ، وَأَن القَوْل للمسروق مِنْهُ فِي قدره، وَقَوله: حَتَّى يَمُوت الخ. بِمثلِهِ كتب عمر بن عبد الْعَزِيز قَائِلا: يسجن حَتَّى يَمُوت. قَالَ فِي التَّبْصِرَة: يَعْنِي إِذا لم يقرَّ بِهِ. وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الإقْرَارِ مِن ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لاخْتِبَارِ (وحكموا بِصِحَّة الْإِقْرَار) بِالنِّسْبَةِ لغرم المَال لَا للْقطع فَلَا يقطع (من ذاعر) بالذل الْمُعْجَمَة يَعْنِي مفزع ومخيف أَو بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الزَّانِي الْفَاسِق السَّارِق (يحبس) أَو يضْرب (لاختبار) فالمجهول إِذا أقرّ فِي السجْن عمل بِإِقْرَارِهِ وَغرم المَال، وَالْمُتَّهَم الْمَعْرُوف بالعداء إِذا أقرّ وَلَو تَحت الْعَصَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute