للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَذَلِك لِأَنَّهُ لما جَازَ ضربه وسجنه شرعا كَمَا مر جَازَ إِقْرَاره إِذْ لَا فَائِدَة لَهُ إِلَّا ذَاك وَالْإِكْرَاه الشَّرْعِيّ طوع وَلذَا قَالَ سَحْنُون: وَذَلِكَ خَارج عَن الْإِكْرَاه وَلَا يعرف هَذَا الْأَمر إِلَّا من ابْتُلِيَ بِهِ يَعْنِي من الْقُضَاة وَمن شابههم. قَالَ فِي التَّبْصِرَة: كَأَنَّهُ يَقُول إِن ذَلِك الْإِكْرَاه كَانَ بِوَجْه جَائِز شرعا، وَإِذا كَانَ من الْحق عُقُوبَته وسجنه لما عرف من حَاله كَانَ من الْحق أَن يؤاخذه باعترافه اه. وَقَالَ ابْن رحال: إِن حبس القَاضِي الْمُتَّهم الَّذِي يجب حَبسه أَو تخويفه أَو ضربه فَأقر فَإِنَّهُ يُؤَاخذ بِإِقْرَارِهِ على قَول سَحْنُون، فَيَنْبَغِي أَن يعْمل بِهَذَا بِالنِّسْبَةِ لغرم المَال اه. وَفِي الْمُتَيْطِيَّة: وَيضْرب السَّارِق حَتَّى يخرج الْأَعْيَان الَّتِي سَرَقهَا يَعْنِي إِن كَانَت قَائِمَة بَاقِيَة فَإِن كَانَت مِمَّا لَا يعرف بِعَيْنِه أَو مِمَّا يعرف بِعَيْنِه، وَلَكِن فَوتهَا فيكفيه إِقْرَاره بهَا ويؤاخذ بِهِ كَمَا مرّ، وَالْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كثير وَلَكِن الْمعول عَلَيْهِ مَا قدمْنَاهُ فِي الْغَصْب، وَمَا درج عَلَيْهِ النَّاظِم هَهُنَا. وَقد تقدم من كَلَام التَّبْصِرَة وَغَيرهَا مَا يشْهد لَهُ وَيشْهد لَهُ أَيْضا قَول الْقَرَافِيّ مَا نَصه: اعْلَم أَن التَّوسعَة على الْحُكَّام فِي أَحْكَام السياسة لَيْسَ مُخَالفا للشَّرْع بل تشهد لَهُ الْأَدِلَّة الْمُتَقَدّمَة وَتشهد لَهُ أَيْضا الْقَوَاعِد من وُجُوه. أَحدهَا: أَن الْفساد قد كثر وانتشر بِخِلَاف الْعَصْر الأول، وَمُقْتَضى ذَلِك اخْتِلَاف الْأَحْكَام اه. وَقَالَ أَيْضا: مَوْضُوع ولَايَة الْوَالِي الْمَنْع من الْفساد فِي الأَرْض وقمع أهل الشَّرّ، وَذَلِكَ لَا يتم إِلَّا بالعقوبة للمتهمين المعروفين بالجرائم بِخِلَاف ولَايَة الْقُضَاة، وَقد تقدم عَنهُ أَن هَذَا مِمَّا لَا يتَمَيَّز بِهِ نظر القَاضِي والوالي، وَإِذا كَانَ الْفساد قد كثر فِي زمن الْقَرَافِيّ فَكيف بذلك فِي زَمَاننَا؟ فَلَا يعْتَرض على النَّاظِم بِأَنَّهُ ارْتكب فِي هَذَا خلاف الْمَشْهُور الَّذِي درج عَلَيْهِ (خَ) حَيْثُ قَالَ وَثَبت إِقْرَار إِن طاع وإلَاّ فَلَا. وَلَو عين السّرقَة أَو أخرج الْقَتِيل الخ. لِأَن مُقَابل الْمَشْهُور قد يجْرِي بِهِ الحكم وَالْعَمَل لِكَثْرَة الْفساد، وَقد قَالَ ابْن رحال فِي حَاشِيَته هُنَا: وَلِأَن (خَ) يتبع مَذْهَب الْمُدَوَّنَة وَهِي إِنَّمَا قَالَت ذَلِك فِي وَقت عدم كَثْرَة الْفساد كَمَا قد رَأَيْته عَن الْقَرَافِيّ، وَلما زَاد هَذَا الْفساد وانتشر انتشار أبلغ الْغَايَة قَامَ مقَام التَّحْقِيق، وَلذَلِك جرى الْعَمَل بإغرام الْمُتَّهم بِمُجَرَّد الدَّعْوَى على مَا تقدم فِي فصل الْغَصْب، وَمَا يرْوى عَن مَالك وَغَيره من اخْتِلَاف الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لَعَلَّه إِنَّمَا هُوَ باخْتلَاف النَّوَازِل والبلدان، فَرب بلد غلب على أَهلهَا الْفساد، وَرب بلد لم يغلب، وَرب شخص علم مِنْهُ الْفساد، وَرب شخص وَقع ذَلِك مِنْهُ فلتة فَلم يقل بخلوده فِي السجْن وَالله أعلم. وَيُقْطَعُ السَّارِقُ باعْتِرَافِ أَوْ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِلَا خِلَافِ (وَيقطع السَّارِق باعتراف) بِالسَّرقَةِ طَائِعا لَا إِن اعْترف فِي السجْن أَو تَحت الْعَصَا فَلَا قطع، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْغرم حَيْثُ كَانَ مُتَّهمًا أَو مَجْهُول الْحَال كَمَا مر قَرِيبا، وَلَا بُد فِي الْقطع من كَونه مُكَلّفا وَكَون الْمَسْرُوق مَالا مُحْتَرما نِصَابا لم يُؤمن عَلَيْهِ لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ مأخوذاً من حرز وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>