الصَّدْر والعنق والصلب ورض الْأُنْثَيَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا قَود فِي مثل ذَلِك وَإِن ثَبت عمده لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى أَخذ النَّفس فِيمَا دونهَا، (و) عَلَيْهِ فَالْوَاجِب فِي ذَلِك (دِيَة) مُغَلّظَة بالتثليث فِي الْأَب وَفِي التربيع فِي غَيره، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ شَيْء مُقَدّر من الشَّارِع كرض الْأُنْثَيَيْنِ إِذْ فيهمَا دِيَة كَامِلَة وكدامغة فِيهَا ثلث الدِّيَة أَو حُكُومَة فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْء مُقَدّر ككسر الْفَخْذ وَعظم الصَّدْر إِن برىء على شين وإلَاّ فَلَا شَيْء فِيهِ إِلَّا الْأَدَب، وَهَذِه الدِّيَة أَو الْحُكُومَة إِنَّمَا هما (مَعَ) وجود (خطر فِيهَا) أَي فِي الْقصاص من تِلْكَ الْجِرَاحَات الْمَذْكُورَة (فقد) أَي فَحسب والخطر الإشراف على الْهَلَاك وَيرجع فِي كَونه خطراً أَو عَدمه لأهل الْمعرفَة، وَمثل الْخطر فِي وجوب الدِّيَة مَا إِذا تعذر الْقصاص لعدم وجود المماثل من الْجَارِح. وَقَوْلِي. أَو قرينَة الخ. ليدْخل مَا إِذا لم يثبت الْجرْح بِشَاهِد، وَإِنَّمَا ادّعى الْمَجْرُوح أَن فلَانا جرحه وَأثبت أَنه كَانَت بَينهمَا ثائرة وعداوة، فَإِنَّهُ يحلف الْمَجْرُوح ويقتص مِنْهُ كَمَا أفتى بِهِ القوري وَابْن عرضون والتالي وَغَيرهم حَسْبَمَا فِي نَوَازِل العلمي خلافًا لفتوى أبي الْقَاسِم العبدوسي من أَن الْيَمين على الْجَارِح. وَقَوله: جلّ الْجراح هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ (خَ) بقوله: واقتص من مُوضحَة أوضحت عظم الرَّأْس والجبهة والخدين وَإِن كابرة واقتص أَيْضا من سابقها وَهِي سِتَّة. دامية: وَيُقَال لَهَا أَيْضا دامعة بِالْعينِ الْمُهْملَة وَهِي الَّتِي تضعف الْجلد فيسيل مِنْهُ دم كالدمع. وحارصة: بالصَّاد الْمُهْملَة وَهِي الَّتِي شقَّتْ الْجلد كُله وأفضت للحم وسمحاق: وَهِي الَّتِي كشطت الْجلد أَي أزالته عَن مَحَله فَيُقَال لذَلِك الْجلد سمحاق. وباضعة: وَهِي الَّتِي شقَّتْ اللَّحْم. ومتلاحمة: وَهِي الَّتِي غاصت فِيهِ أَي فِي اللَّحْم فَأخذت يَمِينا وَشمَالًا وَلم تقرب من الْعظم. وملطاة: بِكَسْر الْمِيم وَهِي الَّتِي شقَّتْ اللَّحْم وَقربت من الْعظم، فَهَذِهِ الْجِرَاحَات كلهَا يقْتَصّ مِنْهَا كَانَت فِي الرَّأْس أَو فِي غَيره من الْجَسَد، وَكَذَا يقْتَصّ من هاشمة ومنقلة فِي غير الرَّأْس، والهاشمة هِيَ الَّتِي هشمت الْعظم أَي كَسرته والمنقلة هِيَ الَّتِي أطارت فرَاش الْعظم بِكَسْر الْفَاء وَفتحهَا من أجل الدَّوَاء وَمحل الْقصاص فيهمَا فِي غير الرَّأْس إِذا لم يعظم الْخطر، وإلَاّ فَلَا قصاص، وَإِنَّمَا فيهمَا الْحُكُومَة إِذا برئا على شين وَإِلَّا فالأدب فَقَط، وَفهم من قَوْله: جلّ الْجراح أَن الْأَقَل لَا قَود فِيهِ وَذَلِكَ كالمنقلة والهاشمة فِي الرَّأْس، فَإِنَّهُ لَا قصاص فيهمَا. وَكَذَا لَا قصاص فِي أمة وَهِي الَّتِي أفضت لأم الدِّمَاغ أَي المخ الَّذِي فِي الرَّأْس، وَلَا فِي دامغة وَهِي الَّتِي خرقت خريطته أَي شقتها، وَإِنَّمَا لم يقْتَصّ من هَذِه الْجِرَاحَات فِي الرَّأْس لعظم خطرها، وَإِنَّمَا فِيهَا الدِّيَة. فَفِي الهاشمة والمنقلة عشر الدِّيَة وَنصفه وَفِي الْأمة والدامغة ثلث الدِّيَة، وَكَذَا لَا يقْتَصّ من الْجَائِفَة وَهِي الَّتِي أفضت للجوف من بطن أَو ظهر، وَإِنَّمَا فِيهَا ثلث الدِّيَة بِخِلَاف عظم ترقوة بِفَتْح التَّاء وَضم الْقَاف وَهُوَ الْعظم الَّذِي بِأَعْلَى الصَّدْر الْمُتَّصِل بالعنق، فالقصاص فِيهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا يقْتَصّ فِي الْعين وَالرجل وَالْأنف وَالْأُذن وَالسّن وَالذكر والأجفان والشفتين، وَكَذَا اللِّسَان إِن أمكن وَلم يكن متلفاً وإلَاّ فَلَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute