للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقد علمت من هَذَا أَن الْمُوَضّحَة وَمَا قبلهَا فِيهِ الْقصاص مُطلقًا، والهاشمة والمنقلة فيهمَا الْقصاص إِذا لم يعظم الْخطر وكانتا فِي غير الرَّأْس، وَأما إِذا كَانَتَا فِي الرَّأْس فَلَا قصاص فيهمَا بل الدِّيَة فَقَط كَمَا تجب الدِّيَة فِي الْأمة والدامغة وَلَا يكونَانِ، إِلَّا فِي الرَّأْس، وَفِي الْجَائِفَة وَلَا تكون إِلَّا فِي غَيره، فَهَذِهِ الْجِرَاحَات عمدها كخطئها فِي الدِّيَة إِلَّا أَنَّهَا يجب فِيهَا الْأَدَب فِي الْعمد زِيَادَة على الدِّيَة، وَبِهَذَا صَحَّ قَول النَّاظِم: جلّ الْجراح عمدها فِيهِ الْقود، فمفهومه أَن الْأَقَل لَا قَود فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَة إِن كَانَ فِيهِ شَيْء مُقَدّر أَو حُكُومَة إِن لم يكن فِيهِ شَيْء مُقَدّر ككسر عظم الْعُنُق والصلب وَغير ذَلِك مِمَّا مر. تَنْبِيهَات. الأول: لَا قصاص فِي لطمة أَو ضَرْبَة على الْخَدين بباطن الرَّاحَة إِذا لم ينشأ عَنْهَا جرح أَو ذهَاب معنى كبصر، وإلَاّ فيقتص مِنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ لَا قصاص فِيهَا حَيْثُ لم ينشأ عَنْهَا مَا ذكر لعدم انضباطها وَمثلهَا الضَّرْب بالعصا حَيْثُ لم ينشأ عَنْهَا مَا ذكر بِخِلَاف ضَرْبَة السَّوْط فَفِيهَا الْقصاص كَمَا فِي (ح) لانضباطه، وَإِذا لم يقْتَصّ من اللَّطْمَة وَالضَّرْب بالعصا فَلَا إِشْكَال أَن الْفَاعِل يُؤَدب كَمَا يُؤَدب من سل سَيْفه على أحد وَلَو على وَجه المزاح، وَكَذَلِكَ يُؤَدب من كسر الدعْوَة للْحَاكِم أَو قبل امْرَأَة كرها، وَلأبي الْعَبَّاس سَيِّدي أَحْمد بن القَاضِي مَا نَصه: وَمن نضى سَيْفه يَوْمًا على أحد فالأربعون لَهُ إِن لِلْقِتَالِ نضى وَالسيف يرْوى لبيت المَال مصرفه وَقيل يقتل وَالْحكم بِذَاكَ مضى وَمن نضاه على وَجه المزاح فقد جَفا وَيضْرب عشرا حكمه فرضا وَالْأَرْبَعُونَ اذا مَا دَعَوْت كسرت لقاض أَو حَاكم للْمُسلمين قضى من قبل امْرَأَة يَوْمًا وأكرهها يُزَاد عشرا كَمَا إِن كَانَ مِنْهَا رضَا الثَّانِي: قد علمت مِمَّا مر أَنه لَا قصاص وَلَا حُكُومَة وَلَا دِيَة فِي جرح إِلَّا بعد برئه، وَأَن الدِّيَة والحكومة مغلظتان حالتان فِي مَال الْجَانِي وَحده وَأَن الْجَانِي يجْبر على دفع الدِّيَة، والحكومة فِيمَا وَجب فِيهِ ذَلِك بِخِلَاف مَا وَجب فِيهِ الْقصاص فَلَا يجْبر، بل إِذا قَالَ: إِمَّا أَن تقتص وَإِمَّا أَن تَعْفُو مجَّانا فَلهُ ذَلِك فَإِن تَرَاضيا على شَيْء من المَال قَلِيلا أَو كثيرا عمل عَلَيْهِ كَمَا مر عِنْد قَوْله: وَإِن ولي الدَّم لِلْمَالِ قبل الخ. وَيجب تَأْخِير الْقصاص لزوَال حر أَو برد مفرطين لِئَلَّا يَمُوت إِذا اقْتصّ مِنْهُ فيهمَا فتؤخذ نفس فِيمَا دونهَا كَمَا تُؤخر الْحَامِل الجانية لوضع حملهَا، سَوَاء جنت على طرف أَو نفس (خَ) : وَآخر لبرد أَو حر كالبرء كدية خطأ أَو دِيَة عمد أَي. فَلَا تُؤدِّي دِيَتهمَا إِلَّا بعد الْبُرْء وَلَو كجائفة وحامل إِلَى أَن قَالَ: لَا بِدُخُول الْحرم أَي لَا يُؤَخر الْقصاص عَن الْجَانِي بِدُخُولِهِ الْمَسْجِد الْحَرَام، بل يخرج من الْمَسْجِد الْحَرَام ليقام عَلَيْهِ الْحَد وَالْقصاص وَلَو كَانَ محرما بِحَجّ أَو عمْرَة، فَإِنَّهُ لَا يُؤَخر إِلَى فرَاغ نُسكه بل يقْتَصّ مِنْهُ قبل فَرَاغه، وَسَوَاء فعل مَا يُوجب الْحَد أَو الْقصاص فِي الْحرم أَو خَارجه ولجأ إِلَيْهِ. الثَّالِث: إِذا كَانَ لَا يُؤَخر بِدُخُول الْحرم الشَّرْعِيّ الَّذِي هُوَ مَكَّة وَالْمَدينَة كَمَا مر فأحرى أَن لَا يُؤَخر بِدُخُولِهِ الزوايا مِمَّا لَيْسَ بحرم شَرْعِي، وَلذَا قَالَ أَبُو عبد الله الأبي: كَانَ ابْن عَرَفَة لَا يحل إيواء الظلمَة والجناة الهاربين إِلَى الزوايا قَائِلا: إِلَّا أَن يعلم أَنه يتَجَاوَز فيهم فَوق مَا يسْتَحقُّونَ اه. قَالَ الْعَارِف بِاللَّه سَيِّدي عبد الرَّحْمَن الفاسي عقب كَلَام الأبي مَا نَصه: هَذَا وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>