إِلَى إِقَامَته على من اجترم بِهِ، وَإِن حماه وَلم يفعل فَلَيْسَ بولِي لِأَن الَّذِي يحمي الظَّالِم ظَالِم. وَقَوله: وَلذَلِك الْخَواص يفتقرون إِلَى إِذن خَاص فِي كل نازلة الخ. مَعْنَاهُ على مَا قَالَ من مَذْهَب الْخَواص أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِذا أَمر برجم كل فَاسق مثلا فِي كل مَكَان، فزنى زيد الْمُحصن فيحتاجون فِي رجمه إِلَى إِذن خَاص من الله سُبْحَانَهُ وَإِن زنى عَمْرو فيحتاجون فِي رجمه إِلَى إِذن خَاص، وَهَكَذَا وَلَا يتمسكون بِالْعُمُومِ الْمَذْكُور لِئَلَّا يكون مُرَاد الْحق سُبْحَانَهُ خلاف رجم ذَلِك الْمعِين بِخُصُوصِهِ، وَهَذَا أَمر خَارج عَن الشَّرْع لم يَأْمر الله سُبْحَانَهُ باتباعه لَا الْخَواص وَلَا غَيرهم لِأَن امْتِثَال الْأَوَامِر وَاجِب، وَإِن فَرضنَا أَن مُرَاد الْحق سُبْحَانَهُ خلاف مَا أَمر بِهِ، وَحِينَئِذٍ فمعاذ الله أَن لَا يُبَادر الْخَواص إِلَى تَنْفِيذ أوَامِر الله ويتربصون إِلَى أَن يرد عَلَيْهِم الْإِذْن الْخَاص خشيَة أَن يكون مُرَاده خلاف مَا أَمر بِهِ، إِذْ ذَلِك يَقْتَضِي أَنه لَا يُصَلِّي ظهر هَذَا الْيَوْم حَتَّى يرد عَلَيْهِ الْإِذْن الْخَاص فِي صلَاتهَا، وَهَكَذَا مَعَ أَنه مَأْمُور بالامتثال. وَلَو فَرضنَا أَنه علم أَن مُرَاده سُبْحَانَهُ خلاف ذَلِك لِأَنَّهُ مُكَلّف بِاتِّبَاع الْأَوَامِر وَلَا عَلَيْهِ فِي الْإِرَادَة، وَبِهَذَا احْتج إِبْلِيس اللعين فَقَالَ: كَيفَ أَسجد لآدَم وَالله لم يردهُ مني، وَهَذَا إِن زَعمه بعض النَّاس وَادّعى أَنه من الْخَواص وَأَنه يتربص فِي تَنْفِيذ أوَامِر الله إِلَى إِذن خَاص وَجب ضرب عُنُقه بِلَا ريب، وَلَو كَانَ يغوص فِي المَاء ويطير فِي الْهَوَاء. وَقَوله: وَاعْتبر بتكرار قَوْله تَعَالَى: بإذني} الخ إِنَّمَا يتم الِاحْتِجَاج بِهِ للخواص لَو كَانَ تكْرَار الْإِذْن فِي كل فَرد من أَفْرَاد الأكمة وَفِي كل فَرد من أَفْرَاد الْمَوْتَى الخ. وَبِالْجُمْلَةِ؛ فالحرم الشَّرْعِيّ لَا يجير عَاصِيا كَمَا فِي الحَدِيث فضلا عَن الزوايا وأضرحة الصَّالِحين، فَالْوَاجِب على من بسط الله يَده على عباده أَن لَا يلْتَفت إِلَى شَيْء مِمَّا يتخيله الْعَامَّة من كَون الله سُبْحَانَهُ ينْتَقم مِمَّن أخرجهم لإِقَامَة الْحُدُود عَلَيْهِم، بل لَو تحققنا الانتقام الْمَذْكُور وَأَنه من أجل الْإِخْرَاج وَأَن الله سُبْحَانَهُ أَرَادَ عَدمه، لوَجَبَ علينا اخراجهم للامتثال كَمَا مّر، فَكيف والانتقام إِنَّمَا هُوَ متخيل متوهم، وعَلى فرض وُقُوعه فَلَيْسَ هُوَ من أجل الْإِخْرَاج بل هُوَ أَمر اتفاقي كَمَا مر، لَا لكَون الله أَرَادَ عدم إخراجهم. وَمن الْعَجَائِب أَنهم يعتبرون المصائب الَّتِي تنزل بعد الْإِخْرَاج ويعدونها انتقامات وَلَا يعتبرون المصائب الَّتِي تنزل مَعَ عدم إخراجهم مَعَ كثرتها وَلَا يعدونها انتقامات على عدم إلاخراج، وَعدم تَنْفِيذ أوَامِر الله مَعَ أَن الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا رتب المصائب على عدم الِامْتِثَال فَقَالَ: وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} (الشورى: ٣٠) إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} (الرَّعْد: ١١) إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات. وَمَا انتقم الله من الْأُمَم السَّابِقَة إِلَّا لعدم امتثالهم أوامره بِاتِّبَاع رسله، وَقد نجا كل من امتثل أوامره باتبَاعهمْ، وَقد كثر الْفساد من عدم إِخْرَاج الجناة من الزوايا والأضرحة ويتخيلون أَن المصائب الَّتِي تنزل وَلَو بعد مائَة عَام إِنَّمَا هِيَ من ذَلِك، وَمَا أَظن ذَلِك إِلَّا من استخفاف الْحُكَّام بامتثال الْأَوَامِر وَإِقَامَة الْحُدُود مَعَ ضميمة التخيل الْمَذْكُور، وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم. وَلما تكلم النَّاظِم على مَا يجب فِي جراح الْعمد شرع فِي أَحْكَام جراح الْخَطَأ فَقَالَ: وَفِي جِرَاحِ الخَطَإِ الْحُكْومهْ وَخمسةٌ ديتُهَا مَعْلُومَهْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute