للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَاو كأشاح وَسمي المَال الْمَتْرُوك مِيرَاثا لِأَنَّهُ يبْقى بعد موت صَاحبه، وَكَذَلِكَ الْوَرَثَة لبقائهم بعد الْمَيِّت لأخذهم الْإِرْث. (والفرائض) جمع فَرِيضَة من الْفَرْض بِمَعْنى التَّقْدِير من قَوْله تَعَالَى فَنصف مَا فرضتم} (الْبَقَرَة: ٢٣٧) أَي قدرتم أَي أوجبتم يُقَال: فرضت الشَّيْء أفرضه أَي أوجبته وَقدرته. وَتَسْمِيَة هَذَا الْعلم بِعلم الْفَرَائِض اصطلاحية، وإلَاّ فَعلم الْفَرَائِض فِي اللُّغَة يَشْمَل الْوَاجِبَات كلهَا من فَرَائض الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغير ذَلِك، وَسمي بذلك لِكَثْرَة دوران الْفَرْض على أَلْسِنَة أَهله وَهُوَ علم قرآني جليل، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (إِن الله لم يكل قسْمَة مواريثكم إِلَى أحد بل تولاها بِنَفسِهِ وَبَينهَا أتم بَيَان) وَقَالَ: (تعلمُوا الْقُرْآن وعلموه النَّاس وتعلموا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِنِّي امْرُؤ مَقْبُوض وَأَن الْعلم سيقبض وَتظهر الْفِتَن حَتَّى يخْتَلف اثْنَان فِي الْفَرِيضَة فَلَا يجدان من يفصل بَينهمَا) . وَفِي الْجَوَاهِر عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ: (تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِنَّهَا نصف الْعلم) . وَاعْلَم أَن علم الْفَرَائِض لَهُ حد، وموضوع وَغَايَة، فغايته أَي ثَمَرَته حُصُول ملكة للْإنْسَان توجب سرعَة الْجَواب على وَجه الصِّحَّة وَالصَّوَاب، وَأما حَده وموضوعه فَقَالَ ابْن عَرَفَة: وَعلم الْفَرَائِض لقباً الْفِقْه الْمُتَعَلّق بِالْإِرْثِ وَعلم مَا يُوصل لمعْرِفَة قدر مَا يجب لكل ذِي حق فِي التَّرِكَة. وموضوعه التركات لَا الْعدَد خلافًا للصودي فَقَوله: لقباً مَعْنَاهُ أَن علم الْفَرَائِض نقل من مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ الَّذِي هُوَ علم الْوَاجِبَات وَصَارَ لقباً لهَذَا الْفَنّ فاحترز بقوله: لقباً من علم الْفَرَائِض مُضَافا بَاقِيا على إِضَافَته، فَإِنَّهُ أَعم لشُمُوله جَمِيع الْوَاجِبَات على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا كَمَا مر، فَهُوَ كَقَوْلِهِم بُيُوع الْآجَال لقباً وَإِضَافَة فَهُوَ إِضَافَة يَشْمَل كل بيع لأجل، ولقباً مَقْصُور على بُيُوع الْآجَال المتحيل فِيهَا على دفع قَلِيل من كثير، وَقَوله: الْمُتَعَلّق بِالْإِرْثِ أَي إِثْبَاتًا أَو نفيا من إِرْث وحجب وَتَعْيِين الْقدر الْمَوْرُوث، وَخرج بِالْإِرْثِ مَا تعلق بالعبادات وَالنِّكَاح والمعاملات. وَقَوله: وَعلم الخ. . هُوَ بِالرَّفْع مَعْطُوف على قَوْله الْفِقْه، وَمَا فِي قَوْله مَا يُوصل وَاقعَة على الْحساب الَّذِي يتَوَصَّل بِهِ لمعْرِفَة قدر مَا يجب لكل وَارِث، فحقيقة هَذَا الْعلم مركبة من أَمريْن معرفَة من يَرث وَمن لَا يَرث، وَمَعْرِفَة كَيْفيَّة الْقِسْمَة وَالْعَمَل فِي مسَائِل المناسخات وَغَيرهَا، وَهَذَا الثَّانِي لم يتَكَلَّم عَلَيْهِ النَّاظِم بل هُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَقَوله: وموضوعه التركات الخ يَعْنِي لِأَنَّهَا يبْحَث فِيهَا عَن عوارضها الذاتية أَي عَن أحوالها اللاحقة لَهَا من كَون تجهيز الْمَيِّت يقدم ثمَّ تقضى دُيُونه ثمَّ وَصَايَاهُ، وَكَون هَذَا الْوَارِث لَهُ ربعهَا أَو نصفهَا وَهَذَا يَرث مِنْهَا وَهَذَا لَا يَرث وَنَحْو ذَلِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>