وَمَا أبيحَ وَهُوَ فِي العِيان يَقْدَحُ فِي مُروءَةِ الْإِنْسَان (وَمَا) مَوْصُول مَعْطُوف على الصَّغَائِر بِقَيْد الْغَلَبَة كَمَا هُوَ ظَاهر. أَي: وَيَتَّقِي فِي الْغَالِب مَا (أُبِيح) شرعا من قَول أَو فعل (وَهُوَ) مُبْتَدأ وَالْوَاو للْحَال (فِي العيان) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف حَال أَي: وَهُوَ حَال وجوده فِي العيان بِنَاء على مَجِيء الْحَال من الْمُبْتَدَأ أَو يتَعَلَّق بالْخبر الَّذِي هُوَ قَوْله: (يقْدَح فِي مُرُوءَة الْإِنْسَان) كالإدمان على لعب الْحمام وَلَو بِغَيْر قمار، وَالشطْرَنْج وكحرف المهنة من دباغة وحجامة وحياكة اخْتِيَارا فِي بلد يزري بِهِ التحرف بذلك وَلَيْسَ هُوَ من أَهله، أما إِن كَانَ لَا يزري بِهِ فِي ذَلِك الْبَلَد أَو كَانَ من أَهله أَو اضْطر لَهُ فَلَا. وكالتصريح بأقوال لم ينْطق الشَّرْع بهَا إِلَّا بِالْكِنَايَةِ وَنَحْو ذَلِك (خَ) ومروءة بترك غير لَائِق من حمام وَسَمَاع غناء ودباغة وحياكة اخْتِيَارا الخ. وَبِالْجُمْلَةِ؛ فالمروءة هِيَ الْمُحَافظَة على فعل مُبَاح يُوجب تَركه الذَّم عرفا كَتَرْكِ الانتعال للمليء فِي بلد يزري بِمثلِهِ ذَلِك وعَلى ترك مُبَاح يُوجب فعله الذَّم عرفا كَالْأَكْلِ فِي السُّوق لغير السوقي وَفِي حَانُوت الطباخ لغير الْغَرِيب، وَقَوْلنَا بِقَيْد الْغَلَبَة إِشَارَة إِلَى أَن النَّادِر من الْمُبَاح القادح لَا يضر لِأَنَّهُ إِذا كَانَت صَغِيرَة غير الخسة إِنَّمَا يطْلب اتقاؤها فِي الْغَالِب فأحرى الْمُبَاح القادح فِي الْمُرُوءَة، وَبِمَا قَررنَا بِهِ هَذِه الأبيات ينْدَفع مَا أوردوه وَلَا يفوتهُ شَيْء مِمَّا شرطوه. وَلما كَانَ الاجتناب والاتقاء الْمَذْكُورَان فِي طوق الشَّاهِد واختياره دون غَيرهمَا وآفات الْعَدَالَة إِنَّمَا تَأتي فِي الْغَالِب من ناحيتهما عبر بَعضهم كَابْن رشد عَن حَدهَا بِأَنَّهَا اجْتِنَاب الْكَبَائِر واتقاء الصَّغَائِر وَحفظ الْمُرُوءَة إِشَارَة إِلَى أَن على ذَلِك مدَار الْعَدَالَة وروحها، فَتَبِعَهُ النَّاظِم فَأَعَادَ لفظ الْعدْل فِي الْبَيْت قبله إِشَارَة إِلَى ذَلِك، وَإِلَّا فَهُوَ فِي غنى عَنهُ بِأَن يَقُول مثلا مَعَ كَونه يجْتَنب الخ. وَلَا يَصح جعل الْبَيْتَيْنِ وَحدهمَا تَفْسِيرا للعدالة الْمُتَقَدّمَة كَمَا قيل: لما علمت من عدم شمولهما لكل قيودها. ثمَّ اعْلَم أَن هَذِه الشُّرُوط إِنَّمَا تشْتَرط فِي حَال الْأَدَاء فَقَط لَا التَّحَمُّل إِلَّا الْعقل، فَإِنَّهُ يشْتَرط فيهمَا وَسَيَأْتِي قَول النَّاظِم: وزمن الْأَدَاء لَا التَّحَمُّل. الخ. قيل: وَهَذَا التَّفْصِيل إِنَّمَا هُوَ فِيمَا عدا شُهُود الْخط وَالنِّكَاح، وَأما هما فَلَا بُد من الشُّرُوط كلهَا فِي التَّحَمُّل وَالْأَدَاء اه. قلت: إِن كَانَ مُرَاده بِالنِّكَاحِ أَن الزَّوْج لَا يعْتَمد فِي دُخُوله بِزَوْجَتِهِ على شَهَادَة الصَّبِي وَمن فِي مَعْنَاهُ مِمَّن لم تتوفر فِيهِ الشُّرُوط وَإِن فعل فَيصدق عَلَيْهِ أَنه دخل بِلَا إِشْهَاد فَيحد وَيفْسخ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute