وَلَو أَدَّاهَا حينئذٍ بعد زَوَال الْمَانِع فَوَاضِح، وَإِن كَانَ المُرَاد أَن العقد لَا يثبت بِشَهَادَة من تحمله حَال الْمَانِع وَلَو أَدَّاهَا بعد زَوَاله وَقبل الدُّخُول أَو بعده أَو بعد الْمَوْت فَهُوَ يحْتَاج إِلَى نَص يساعده، وَأما الْخط فَإِن كَانَ المُرَاد أَن من عرف خطّ شخص حَال الْمَانِع بالممارسة والتكرر لَا يرفع على عينه بعد زَوَال الْمَانِع وَلَو مبرزاً فَفِيهِ نظر، وَإِن كَانَ المُرَاد لَا يرفع عَلَيْهِ فِي غيبته اعْتِمَادًا على مَا عرفه مِنْهُ حَال الْمَانِع، فَهَذَا لَا يخْتَص بِهِ من تلبس بالمانع حَال التَّحَمُّل بل غَيره كَذَلِك إِذْ مُعَاينَة الرسوم لَا تفِيد خلافًا لأبي الْحسن كَمَا يَأْتِي، وَالله أعلم. تَنْبِيه: ظَاهر النّظم كَغَيْرِهِ أَن الفاقد لوَاحِد من الشُّرُوط الْمَذْكُورَة لَا تقبل شَهَادَته وَلَو فِي بلد لَا عدُول فِيهِ، وَسَوَاء شهد على مَعْرُوف بِالسَّرقَةِ والعداء أم لَا، وَهُوَ كَذَلِك على الْمَشْهُور وَمذهب الْجُمْهُور قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي أَحْكَامه: إِذا كَانَت قَرْيَة لَيْسَ فِيهَا عدُول وبعدوا عَن الْعُدُول فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن لَا تجوز شَهَادَتهم لبَعْضهِم بَعْضًا، لَكِن نقل فِي الذَّخِيرَة عَن النَّوَادِر أَنا إِذا لم نجد فِي جِهَة إِلَّا غير الْعُدُول أَقَمْنَا أَصْلحهم وَأَقلهمْ فجوراً للشَّهَادَة وَيلْزم ذَلِك فِي الْقَضَاء وَغَيره لِئَلَّا تضيع الْمصَالح، وَمَا أَظن أحدا يُخَالف فِي هَذَا لِأَن التَّكْلِيف شَرطه الْإِمْكَان اه. وَبِه عمل الْمُتَأَخّرُونَ حَسْبَمَا فِي ابْن سَلمُون والمعيار وَنَحْوهمَا، وَفِي المازونية أَنه تجوز على السَّارِق شَهَادَة من لقِيه من النِّسَاء وَالصبيان والرعاة إِذا عرفوه وَقَالُوا فلَان رَأَيْنَاهُ سرق كَذَا أَو غصبه وَنَحْو ذَلِك قَالَ: وَقد سُئِلَ مَالك عَن مثل هَذَا الْأَمر فِي لصوص الْحجاز والبرابر فَقَالَ: تجوز عَلَيْهِم شَهَادَة من لَقِيَهُمْ من النِّسَاء. قيل لَهُ: إِنَّهُم غير عدُول. قَالَ: وَأَيْنَ يُوجد الْعُدُول فِي مَوَاضِع السَّارِق واللص وَإِنَّمَا يتبعان الخلوات اه. وَهَذَا من بَاب قَوْلهم إِن الْمَعْرُوف بالظلم والتعدي يغلب الحكم فِي حَقه لِأَن شَهَادَة غير الْعدْل كَالْعدمِ، وَإِلَى مثل هَذَا أَشَارَ فِي العمليات بقوله: لوالد الْقَتِيل مَعَ يَمِين القَوْل فِي الدَّعْوَى بِلَا تَبْيِين وَهُوَ وَإِن كَانَ خلاف الْأُصُول لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي) وَلقَوْل عمر رَضِي الله عَنهُ: وَالله لَا يوسر أحد فِي الْإِسْلَام بِغَيْر الْعُدُول الخ. لَكِن عَمَلهم عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَاب الْغَصْب اه. فَإِن أقرّ الْخصم بِالْعَدَالَةِ فَلَا تشْتَرط حِينَئِذٍ كَمَا مرّ عِنْد قَوْله: وَفِي الشُّهُود يحكم القَاضِي بِمَا الخ. ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَا يجرح بِهِ الشَّاهِد الْعدْل وَأَنه قِسْمَانِ مبرز وَغَيره فَقَالَ: فالْعَدْلُ ذُو التَّبرِيزِ لَيْسَ يَقْدَحُ فِيهِ سِوى عَدَاوَةٍ تُسْتَوْضَحُ (فالعدل) مُبْتَدأ (ذُو التبريز) نعت لَهُ أَي المبرز بِكَسْر الرَّاء الْمُشَدّدَة من برز بِالتَّشْدِيدِ وَالْفَتْح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute