أَي فاق أَصْحَابه فضلا وعدالة مُتَقَدما فِي ذَلِك عَلَيْهِم، وَأَصله من تبريز الْخَيل فِي السَّبق وَتقدم سابقها، وَلَيْسَ هُوَ من تصدى لتحمل الشَّهَادَة وَبَيْعهَا فِي الْأَسْوَاق بِإِذن قَاض أَو أَمِير كَمَا يَعْتَقِدهُ الْعَامَّة بل هُوَ الْفَائِق فِي الْفضل كَمَا مرّ، وَأَيْنَ هُوَ الْيَوْم؟ وَكَانَ بعض الشُّيُوخ يمثله بِأبي مُحَمَّد صَالح ونظائره، وَقيل هُوَ مَعْدُوم فِي زَمَاننَا كبيض الأنوق أَي الرخمة قَالَ فِي المعيار: أما عدم هَذَا الْوَصْف الَّذِي هُوَ التبريز فِي الْعَدَالَة وعزته فِي المنتصبين للشَّهَادَة مِمَّن أدركنا من عدُول الْمغرب الْأَوْسَط والأقصى فَغير بعيد، وَأما عَدمه وعزته مُطلقًا فِي المنتصبين وَغَيرهم فَغير مُسلم، وَقد شاهدنا مِنْهُم وَالْحَمْد لله الْعدَد الْكثير اه. (لَيْسَ يقْدَح) خبر لَيْسَ وَاسْمهَا ضمير الشَّأْن (فِيهِ) يتَعَلَّق بيقدح (سوى عَدَاوَة) فَاعل يقْدَح أَو اسْم لَيْسَ على أَنه من بَاب التَّنَازُع بَين مُشْتَقّ وجامد عِنْد من أجَازه (تستوضح) مَبْنِيّ للْمَفْعُول صفة لعداوة، وَالْجُمْلَة من لَيْسَ وَمَا بعْدهَا خبر الْمُبْتَدَأ. وَقَوله: عَدَاوَة أَي دنيوية بَينه وَبَين الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو ابْنه أَو أَبِيه وَنَحْوهمَا من الْأُصُول وَالْفُرُوع وَإِن علوا أَو سفلوا، لِأَن الْعَدَاوَة تورث، وَأما على الْحَوَاشِي فَقَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْع لَا إِن تمحضت الدِّينِيَّة فَقَط فَلَا أثر لَهَا لجَوَاز شَهَادَة الْمُسلم على الْكَافِر، وَفِي معنى الْعَدَاوَة الْقَرَابَة بِدَلِيل قَوْله فِيمَا يَأْتِي: وَالْأَب لِابْنِهِ وَعَكسه منع الخ. فَحذف الْقَرَابَة هُنَا اتكالاً على مَا يَأْتِي، وَمَفْهُوم عَدَاوَة أَنه لَا يقْدَح فِيهِ بغَيْرهَا وَعَلِيهِ اقْتصر ابْن سَلمُون و (خَ) فِي بَاب الْقَضَاء حَيْثُ قَالَ: والمبرز بِغَيْر عَدَاوَة وقرابة الخ. وَالْمَشْهُور وَهُوَ اخْتِيَار اللَّخْمِيّ أَنه يقْدَح فِيهِ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا يقْدَح بِهِ فِي الْمُتَوَسّط (خَ) فِي الشَّهَادَات، وقدح فِي الْمُتَوَسّط بِكُل وَفِي المبرز بعداوة وقرابة وَإِن بِدُونِهِ كغيرهما على الْمُخْتَار، وَهَذَا فِي غير الملاطفة، وَأما هِيَ فَلَا يقْدَح بهَا فِي المبرز، وَاحْترز بقوله: تستوضح من الْعَدَاوَة الْخفية الَّتِي لَا تورث شَحْنَاء كالمخاصمة فِي ثمن الثَّوْب وَنَحْوه فَإِنَّهَا لَا تقدح كَمَا فِي ابْن سَلمُون وَابْن عَرَفَة وَكَيْفِيَّة وَثِيقَة الْعَدَاوَة يعرف الْوَاضِع شكله وأثره فلَانا وَفُلَانًا معرفَة تَامَّة بعينهما واسمهما وَمَعَهَا يشْهد بِأَن بَينهمَا عَدَاوَة قديمَة وشحناء ومقاطعة على أَسبَاب الدُّنْيَا وحطامها مُنْذُ كَذَا قبل تَارِيخ الشَّهَادَة بِالْحَقِّ أَعْلَاهُ أَو حوله وَلَا يعلمهما اصطلحا ورجعا عَن ذَلِك حَتَّى الْآن أَو حَتَّى مَاتَا أَو أَحدهمَا، وَقيد بذلك شَهَادَته فِي كَذَا فقولنا: وشحناء ومقاطعة تَأْكِيد وَتَفْسِير للعداوة، وَلَو اقْتصر على أحد هَذِه الْأَلْفَاظ لكفاه لِأَن مُجَرّد الهجران وَقطع الْكَلَام يرد الشَّهَادَة إِذا زَاد على ثَلَاثَة أَيَّام. انْظُر شرحنا على الشَّامِل، وَقَوْلنَا على أَسبَاب الدُّنْيَا أَي كالمنازعة فِي مَال أَو جاه وَفِي مَعْنَاهُمَا فَفِي المعيار إِن كَانَ بَين الشَّاهِد والمشهود عَلَيْهِ مقاسمة المغارم والكلف الَّتِي تلْزم الرّعية من السلاطين والمدافعة عَلَيْهِ وَبَينهمَا التشكي للعمال والقضاة على ذَلِك لم تجز شَهَادَته عَلَيْهِ، وَفِي الطرر عَن الِاسْتِغْنَاء فِي أهل مَسْجِد قَامُوا فِي حَبسه أَو فِي حَقه على رجل شهدُوا فِيهِ فأنكرهم لم تجز شَهَادَتهم لأَنهم خصماؤه، فَإِن قَامَ عَلَيْهِ مِنْهُم طَائِفَة وَشهد غَيرهم جَازَت لأَنهم غير خصماء اه. وَمِنْه شَهَادَة الْمَشْهُود عَلَيْهِ على الشَّاهِد وَلَو بعد شَهْرَيْن من شَهَادَة الشَّاهِد كَمَا فِي الشَّامِل، فَإِن كَانَت الْعَدَاوَة غَضبا لله تَعَالَى لكَون المغضوب عَلَيْهِ كَافِرًا أَو فَاسِقًا فَلَا تمنع الْقبُول لِأَن ذَلِك يدل على قُوَّة الْإِيمَان قَالَه ابْن شَاس، وَقَوْلنَا: مُنْذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute