أَي أوجبت حَقًا لم يكن وأثبتته وَهُوَ مَا ذكر من الْخط الْمُوجب لثُبُوت الْحق وَغير ذَلِك. وَذَلِكَ رَاجع فِي الْحَقِيقَة إِلَى تَقْدِيم الناقلة على المستصحبة كَمَا بَيناهُ فِي حَاشِيَة اللامية وكشهادة إِحْدَاهمَا أَنه قتل زيد عمرا يَوْم كَذَا وَشهِدت الْأُخْرَى أَنه كَانَ ذَلِك الْيَوْم بِبَلَد بعيد لِأَن شَهَادَة الْقَتْل أوجبت حكما وأثبتته وَهُوَ الْقصاص. ابْن رشد: هَذَا مَشْهُور الْمَذْهَب، وَقَالَ إِسْمَاعِيل القَاضِي: يقْضِي بِبَيِّنَة الْبَرَاءَة إِن كَانَت أعدل وَإِن استويتا فِي الْعَدَالَة سقطتا. ابْن عبد الْبر، وَقَول إِسْمَاعِيل عِنْدِي صَحِيح إِذْ لَا يَنْبَغِي أَن يقدم على الدَّم إِلَّا بِيَقِين دون الشَّك اه. ابْن رحال: وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدِي وَغَيره لَا نطيق القَوْل بِهِ لِأَن هَذَا تعَارض حَقِيقِيّ بِالضَّرُورَةِ فَلَو شهِدت إِحْدَاهمَا بِالْقَتْلِ فِي وَقت كَذَا، وَالْأُخْرَى بِالزِّنَا أَو السّرقَة فِي ذَلِك الْوَقْت أَو إِحْدَاهمَا بِأَنَّهُ تلفظ بِالطَّلَاق وَقت كَذَا وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ تلفظ بِالْعِتْقِ فَقَط فِي ذَلِك الْوَقْت سقطتا لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا أوجبت حكما وَلَا ينظر للأعدلية لِأَنَّهَا إِنَّمَا ينظر إِلَيْهَا فِيمَا يثبت بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين، وَلذَا إِذا شهِدت إِحْدَاهمَا أَنه أسلفه مائَة بِمَجْلِس كَذَا وَشهِدت الْأُخْرَى أَنه مَا أسلفه إِلَّا عشرَة فِي ذَلِك الْمجْلس، فَإِن ذَات الزِّيَادَة أعمل قَالَه ابْن الْقَاسِم وَله أَيْضا أَنَّهُمَا يتساقطان إِن لم تكن إِحْدَاهمَا أعدل، ابْن رشد: وَهُوَ الَّذِي يُوجِبهُ الْقيَاس فَقَوله: وَهُوَ الَّذِي يُوجِبهُ الْقيَاس رُبمَا يشْهد لما قَالَه القَاضِي إِسْمَاعِيل. انْظُر شرح الشَّامِل والحطاب على أَنه قد قَالَ (ز) عِنْد قَول (خَ) فِي اللّعان أَو ادَّعَتْهُ مغربية على مشرقي مَا نَصه: مَحل تَقْدِيم بَيِّنَة الْقَتْل مَا لم يكثر الشاهدون أَنه كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت فِي مَكَان آخر بِحَيْثُ يُفِيد خبرهم الْعلم الضَّرُورِيّ فَيعْمل بِشَهَادَتِهِم اه. وكشهادة إِحْدَاهمَا بالتجريح وَالْأُخْرَى بالتعديل وَتقدم عِنْد قَول النَّاظِم: وثابت الْجرْح مقدم على الخ. أَن مَحل هَذَا إِذا لم تقطع كل مِنْهُمَا بكذب الْأُخْرَى وَكَذَا لَو شهِدت إِحْدَاهمَا بِالْإِكْرَاهِ وَالْأُخْرَى بالطواعية فَبَيِّنَة الْإِكْرَاه أعمل. وَهَذَا والمثال الَّذِي قبله يدلان على أَن الْقَاعِدَة أغلبية وَإِلَّا لقدمت بينتا التَّعْدِيل والطواعية لِأَنَّهُمَا أثبتا حَقًا لم يكن مَعَ أَنهم قَالُوا: يتساقطان فِي التَّعْدِيل حَيْثُ اتَّحد الْوَقْت وَتقدم بَيِّنَة الْإِكْرَاه فَتَأَمّله مَعَ إِطْلَاق الزقاق فِي منهجه حَيْثُ قَالَ: ومثبت أولى من الَّذِي نفى فِي الْجرْح وَالْقَتْل بُلُوغ عرفا وَلَكِن فِي (ز) أَن بَيِّنَة الْإِكْرَاه إِنَّمَا قدمت لِأَنَّهَا ناقلة عَن الأَصْل لِأَن الأَصْل فِي أَفعَال النَّاس الطواعية فَمن شهد بِهِ فقد شهد بِالْأَصْلِ وَالشَّهَادَة بِالْإِكْرَاهِ ناقلة عَنهُ قَالَ؛ وَكَذَا، كل ضَرَر لِأَن من أثبت قد زَاد علما الخ. وَلَيْسَ من تعَارض النَّفْي وَالْإِثْبَات مَا إِذا شهِدت إِحْدَاهمَا بِأَن فلَانا أقرّ لفُلَان بمحضرنا بِكَذَا وَشهِدت الْأُخْرَى بِأَنَّهُ مَا أقرّ بِشَيْء حَتَّى مَاتَ لِأَنَّهُمَا لم يتواردا على وَقت وَاحِد فَإِن تواردا عَلَيْهِ كَيَوْم مَوته جرى على مَا مرّ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضا مَا إِذا شهِدت إِحْدَاهمَا بمعاينة حوز الصَّدَقَة وَنَحْوهَا قبل الْمَوْت، وَشهِدت الْأُخْرَى بِرُؤْيَة الْمُتَصَدّق يَخْدمه إِلَى مرض الْمَوْت فَإِن بَيِّنَة عدم الْحَوْز تقدم إِذا لم تتعرض الْأُخْرَى لاستمراره قَالَه الْقَرَافِيّ فِي الْفرق ٢٢٨. وَبِالْجُمْلَةِ، إِذا رَجَعَ الْمُتَصَدّق وَنَحْوه قبل السّنة لصدقته أَو شكّ فِي تَارِيخ رُجُوعه فَبَيِّنَة عدم الْحَوْز أعدل كَمَا للوانشريسي، وَنَقله أَبُو عبد الله عبد الْقَادِر الفاسي فِي جَوَاب لَهُ وَنَحْوه لأبي الضياء مِصْبَاح فِي معاوضات المعيار، وَإِن رَجَعَ إِلَيْهَا بعد أَن حيزت عَنهُ سنة فَلَا بطلَان وَإِن تعاوضا فِي السّنة فَبَيِّنَة الْحِيَازَة أعمل على مَا لِابْنِ مَالك وَهُوَ مَذْهَب الْمُدَوَّنَة كَمَا فِي ابْن سهل لِأَنَّهَا أوجبت حكما وَهُوَ صِحَة الْهِبَة. وَقيل: ينظر للأعدل وَهُوَ الْمُوَافق لما مرّ عَن ابْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute