من الْقسم الَّذِي قبله إِذْ لَو روعيت الْأَصَالَة هُنَا لقدمت الطواعية. وَظَاهر كَلَامهم تَقْدِيم بَيِّنَة الْإِكْرَاه، وَلَو أدّى ذَلِك لفسخ الْعُقُود والمعاملات إِذْ لَا ثَمَرَة لَهَا إِلَّا ذَاك وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي اسْتِحْقَاق المعيار، وَانْظُر الورقة السَّابِعَة وَالْعِشْرين من بُيُوع الْبُرْزُليّ فَفِيهَا مسَائِل تعَارض الْبَيِّنَتَيْنِ. وإنَّما يكونُ ذَاك عِنْدَما لَا يُمكنُ الجَمْعُ لنا بَيْنَهُمَا (وَإِنَّمَا يكون ذَاك) اسْم يكون وَالْإِشَارَة للتعارض الْمُوجب للترجيح (عِنْد) يتَعَلَّق بيكون إِن كَانَت تَامَّة أَو بخبرها إِن كَانَت نَاقِصَة (مَا) مَصْدَرِيَّة (لَا يُمكن الْجمع) صلتها وَهِي مَعَ صلتها فِي تَأْوِيل مصدر أَي عِنْد عدم إِمْكَان الْجمع (لنا) يتَعَلَّق بيمكن (بَينهمَا) يتَعَلَّق بِالْجمعِ (خَ) : وَإِن أمكن جمع بَين الْبَيِّنَتَيْنِ جمع، ومثاله أَن يَدعِي أَنه أسلم هَذَا الثَّوْب فِي مائَة إِرْدَب حِنْطَة. وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ: بل هذَيْن الثَّوْبَيْنِ لثوب سواهُ فِي مائَة إِرْدَب حِنْطَة وَأقَام كل الْبَيِّنَة على دَعْوَاهُ كَانَت الثَّلَاثَة أَثوَاب فِي الْمِائَتَيْنِ ويحملان على أَنَّهُمَا سلمَان لِأَن كل بَيِّنَة شهِدت بِغَيْر مَا شهِدت بِهِ بَيِّنَة الآخر، وَهَذَا إِذا كَانَ ذَلِك فِي مجلسين وإلَاّ فَهُوَ تهاتر فيصار فِيهِ للترجيح على رِوَايَة المصريين كَمَا مرّ فِيمَا إِذا تَعَارَضَتَا بِالطَّلَاق وَالْعِتْق فِي مجْلِس وَاحِد، وَكَذَا إِن شهِدت إِحْدَاهمَا بِأَنَّهُ طلق الصُّغْرَى وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ طلق الْكُبْرَى أَو شهِدت إِحْدَاهمَا بِأَنَّهُ زنى وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ سرق فَإِنَّهُ يلْزمه الطَّلَاق فيهمَا، وَيقطع وَيحد حَيْثُ كَانَتَا فِي زمنين وَإِلَّا فَهُوَ تهاتر لَا يُمكن فِيهِ الْجمع. وَمن إِمْكَانه مَا إِذا شهِدت إِحْدَاهمَا بمعاينة حوز الْهِبَة دون استمراره وَشهِدت الْأُخْرَى باستمرارها بيد الْوَاهِب كَمَا مرّ، وَذَلِكَ لِأَن المعاينة تحصل بِالْوُقُوفِ على الْأَمْلَاك والتطوف عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِجَامِع استمرارها بيد الْوَاهِب. والشَّيْءُ يَدَّعِيهِ شَخْصانِ مَعا وَلَا يدٌ وَلَا شَهيدٌ يُدَّعى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٦٤٨ - ; (وَالشَّيْء) أصلا كَانَ أَو حَيَوَانا أَو غَيرهمَا (ويدعيه شخصان) مثلا (مَعًا) أَي ادّعى كل مِنْهُمَا جَمِيعه أَو ادّعى أَحدهمَا الْكل وَالْآخر النّصْف أَو الثُّلُث مثلا، أَو كَانُوا أَكثر من شَخْصَيْنِ فَادّعى أحدهم الْكل وَالْآخر النّصْف وَالْآخر الثُّلُث (وَلَا يَد) لوَاحِد مِنْهُمَا أَو مِنْهُم (وَلَا شَهِيد) لوَاحِد (يدعى) فِيهِ. يُقْسَمُ مَا بَيْنَهُمَا بعد القَسَم وَذَاكَ حُكْم فِي التَّساوي مُلْتَزَم (يقسم) خبر عَن قَوْله وَالشَّيْء ويدعيه ومعاً وَلَا يَد وَلَا شَهِيد أَحْوَال مِنْهُ (مَا) زَائِدَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute