أَن تَحْلِيف الْوَكِيل لَا يسْقط بَيِّنَة الْمُوكل، وَإِنَّمَا يسْقط إِعَادَة الْيَمين لِأَن الْوَكِيل قد لَا يكون لَهُ علم بِبَيِّنَة الْمُوكل، وَقد قَالَ (خَ) فَإِن نفاها واستحلفه فَلَا بَيِّنَة إِلَّا لعذر كنسيان الخ. وَانْظُر لَو كَانَ الْوَكِيل عَالما بهَا وحلفه على إِسْقَاطهَا هَل لَا قيام للْمُوكل بهَا لِأَن قَول الْوَكِيل قَول مُوكله وَيدل لَهُ مَا فِي معاوضات المعيار عَن سَيِّدي مِصْبَاح فِي امْرَأَة أنكر وكيلها أَن تكون عقدت لابنها هبة فِي أملاكها، فَلَمَّا ثبتَتْ الْهِبَة أظهر وكيلها عقد استرعاء مقدم التَّارِيخ أَنَّهَا غير ملتزمة لتِلْك الْهِبَة إِن صدرت مِنْهَا أَن إِنْكَار الْوَكِيل لعقد الْهِبَة مسْقط للْقِيَام بالاسترعاء اه. أَوله الْقيام لِأَنَّهُ لم يُوكله على إِسْقَاطهَا وَيدل لَهُ مَا يَأْتِي فِي الْبَيْت بعده عَن الْمُدَوَّنَة أَن من وكل على الْأَخْذ بِالشُّفْعَة فَأقر بإسقاطها وَهُوَ الَّذِي فِي الْبُرْزُليّ عَن أَخَوَيْنِ ادّعى أَحدهمَا أَن أباهما بَاعَ مِنْهُ بعض الْأَمْلَاك بكالىء أمه وَأثبت ذَلِك وَقَالَ أَخُوهُ: إِن ذَلِك كَانَ توليجاً فَقَالَ: وَكيل مدعي البيع من أَيْن كَانَ لأم مُوكله مَالا وَمَا كَانَت أمه إِلَّا أمة ثمَّ تزَوجهَا أَبوهُمَا فَقَالَ ابْن حَارِث: أما الْوَثِيقَة فعقدها تَامّ لإفساد فِيهِ بِوَجْه وَإِقْرَار الْأَب لِابْنِهِ جَائِز، وَأما مَا تكلم بِهِ الْوَكِيل فَإِنَّهُ لَا يلْزم مُوكله إِذْ كَانَ مِنْهُ على وَجه الْغَلَط والسقط وَبعد هَذَا كُله فَإِنَّهُ لم يُوكله على تَكْذِيبه، وَإِنَّمَا وَكله على تَصْدِيقه وعَلى طلب مَا ادّعى بِهِ قبل صَاحبه، وَإِنَّمَا يجوز إِقْرَاره عَلَيْهِ فِيمَا يحدث من الْوُجُوه فِي الْخُصُومَة غير الْوَجْه الَّذِي هُوَ الأَصْل فَإِن قَوْله: وَمن أَيْن كَانَ لَهَا مَال سَاقِط عَن مُوكله للوجهين الْمَذْكُورين. وَقَالَ ابْن زرب: عقد الْوَثِيقَة صَحِيح غير أَن الْوَكِيل قد لبس مقَالَته وصير الْأَمر عِنْدِي مُشكلا لَا يظْهر فِيهِ شَيْء أتقلد الْجَواب بِهِ اه بِاخْتِصَار. قلت: وَالظَّاهِر فِي الْمَسْأَلَة مَا لِابْنِ حَارِث وَمَسْأَلَة الْمُدَوَّنَة شاهدة لَهُ، وَيُؤَيِّدهُ مَا لِابْنِ الْحَاج فِيمَن وكل على الصُّلْح وَالْإِقْرَار وَالْإِنْكَار فَأقر الْمَطْلُوب فَثَبت الْحق فَصَالح الْوَكِيل على ذَلِك بمثاقيل منجمة وَأطْلقهُ قَالَ: لَا يمْضِي الصُّلْح وَيجب على الْوَكِيل غرم مَا أقرّ بِهِ الْغَرِيم لتعديه بِإِطْلَاقِهِ فَتَأمل ذَلِك. وَلَا سِيمَا على مَا يَأْتِي فِي الْبَيْت بعده عَن (ح) من أَن من جعل لوَكِيله الْإِقْرَار إِنَّمَا أَرَادَ الْإِقْرَار فِيمَا هُوَ من معنى الْخُصُومَة وَالله أعلم. وَانْظُر مَا مر عِنْد قَوْله: ومنكر للخصم مَا ادَّعَاهُ الخ. وَحَيْثُ الإقْرَارُ أَتَى بِمَعْزِلِ عَنِ الخِصَامِ فَهْوَ غَيْرُ مُعْمَلِ (وَحَيْثُ) ظرف مضمن معنى الشَّرْط خافض لشرطه مَنْصُوب بجوابه (الْإِقْرَار) مُبْتَدأ وَجُمْلَة (أَتَى) خَبره وَالْجُمْلَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي مَحل جر بِإِضَافَة حَيْثُ (بمعزل) حَال من فَاعل أَتَى جر بِالْبَاء الزَّائِدَة (عَن الْخِصَام) يتَعَلَّق بمعزل (فَهُوَ) مُبْتَدأ (غير) خَبره (معمل) بِفَتْح الْمِيم اسْم مفعول مُضَاف إِلَيْهِ وَالْجُمْلَة جَوَاب حَيْثُ وَالْمعْنَى أَن من وكل على الْخِصَام فِي حق وَجعل لَهُ فِيهِ الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار فَأقر بِشَيْء أَجْنَبِي من تِلْكَ الْخُصُومَة كإقراره أَن مُوكله وهب دَاره لزيد أَو لفُلَان عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute