مائَة وَنَحْو ذَلِك فَإِقْرَاره بذلك غير مَعْمُول بِهِ على الْأَصَح عِنْد ابْن سهل وَغَيره خلافًا لفقهاء طليطلة حَيْثُ قَالُوا: يلْزمه إِقْرَاره وَإِن لم يكن من معنى الْخُصُومَة، وَاسْتدلَّ ابْن سهل على تَصْحِيحه بقولِهَا: وَمن وكل على الْأَخْذ بِالشُّفْعَة فَأقر أَن مُوكله قد أسقطها فَهُوَ شَاهد لَا مقرّ انْظُر نَصهَا فِي (ح) قَالَ ابْن عَرَفَة مضعفاً لاستدلاله بِمَسْأَلَة الشُّفْعَة مَا نَصه: لَا يلْزم من لَغْو إِقْرَار الْوَكِيل على الشُّفْعَة لَغْو إِقْرَار من جعل لَهُ الْإِقْرَار لعدم صدق الْأَخْذ بِالشُّفْعَة على إِقْرَاره بإسقاطها وَصدق مُطلق الْإِقْرَار على الْإِقْرَار بِالْهبةِ اه. قَالَ (خَ) عقبه مَا قَالَه ابْن عَرَفَة من ضعف الِاسْتِدْلَال بِمَسْأَلَة الشُّفْعَة هُوَ الظَّاهِر، لَكِن يُؤْخَذ ذَلِك من أَن الْوكَالَة تخصص وتفيد بِالْعرْفِ لِأَن من وكل على الْخِصَام وَجعل لوَكِيله الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار إِنَّمَا أَرَادَ الْإِقْرَار فِيمَا هُوَ من معنى الْخُصُومَة الَّتِي وكل فِيهَا اه. قلت: قد يرد تَضْعِيف ابْن عَرَفَة للاستدلال بِمَسْأَلَة الشُّفْعَة بِأَن مُطلق الْإِقْرَار الْوَاقِع أثر الْخُصُومَة إِنَّمَا يرجع للوجوه الراجعة لَهَا كالتفويض الْوَاقِع أثر الْمُقَيد على حسب مَا مر عِنْد قَوْله: وحيثما التَّفْوِيض بِالْإِطْلَاقِ الخ. وَيدل لَهُ قَول ابْن حَارِث الْمَار إِنَّمَا يجوز إِقْرَاره فِيمَا يحدث من الْوُجُوه فِي الْخُصُومَة غير الْوَجْه الَّذِي هُوَ الأَصْل الخ. إِذْ لَا شكّ أَن الْمقر بِإِسْقَاط الشُّفْعَة قد ذكر على أصل مَا وكل فِيهِ بالإبطال كَمَا أَنه فِي مَسْأَلَة التَّنْبِيه الْمَذْكُورَة فِي الْبَيْت قبله قد ذكر على بَيِّنَات أصل الْحق الَّذِي وكل على طلبه بالإسقاط والتكذيب مَعَ أَن الْمُوكل لَا نظر لَهُ فِي ذَلِك، فَلَو صَحَّ الْإِقْرَار بِالْهبةِ الْخَارِج عَن الْخُصُومَة كَمَا يَقْتَضِيهِ بحث ابْن عَرَفَة لصَحَّ الْإِسْقَاط الْخَارِج عَن الْأَخْذ بِالشُّفْعَة، وَمَفْهُوم قَول النَّاظِم بمعزل عَن الْخِصَام أَنه إِذا لم يكن بمعزل عَنهُ لصَحَّ الْإِقْرَار وَلزِمَ وَهُوَ كَذَلِك على الْمَعْرُوف إِذْ هُوَ فَائِدَة رد الْوكَالَة النَّاقِصَة عَن الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار كَمَا مرّ فِي الْبَيْت قبله. قَالَ ابْن عَاتٍ عَن الْكَافِي الَّذِي بِهِ الْعَمَل أَنه إِذا جعل لَهُ الْإِقْرَار لزمَه مَا أقرّ بِهِ عِنْد القَاضِي، وَزعم ابْن خويز منداد أَن تَحْصِيل مَذْهَب مَالك أَنه لَا يلْزمه إِقْرَاره إِذا لم يكن مفوضاً إِلَيْهِ قَالَ: وَاتفقَ الْفُقَهَاء فِيمَن قَالَ مَا أقرّ بِهِ فلَان عَليّ فَهُوَ لَازم لي أَنه لَا يلْزمه اه. ابْن عَرَفَة: فَظَاهر ابْن عبد السَّلَام أَن قَول ابْن خويز منداد اتّفق الْفُقَهَاء الخ. خلاف الْمَعْرُوف من الْمَذْهَب وَالْأَظْهَر أَنه لَيْسَ بِخِلَاف لِأَن مَسْأَلَة الْمَذْهَب نَص فِيهَا على تَوْكِيله على الْإِقْرَار عَلَيْهِ، وَمَسْأَلَة ابْن خويز منداد إِنَّمَا صدر مِنْهُ أَن مَا أقرّ بِهِ فلَان فَهُوَ لَازم لَهُ فَصَارَ ذَلِك كَقَوْلِه مَا شهد بِهِ فلَان عَليّ فَهُوَ حق وَهَذَا لَا يلْزمه مَا شهد بِهِ اه. قلت: وَحَاصِل فرقه أَن مَسْأَلَة الْمَذْهَب أذن لَهُ فِي الْإِقْرَار عَنهُ بِخِلَاف مَسْأَلَة ابْن خويز منداد فَإِنَّهَا مُحْتَملَة للْإِذْن وَعَدَمه لِأَن مَا فِي قَوْله: مَا أقرّ بِهِ فلَان الخ شَرْطِيَّة بِدَلِيل دُخُول الْفَاء فِي جوابها فَصَارَت كَقَوْلِه: مَا شهد بِهِ فلَان الخ. وَيُمكن أَن يُقرر النَّاظِم بِمَا يَشْمَل مَسْأَلَة ابْن خويز منداد وَمَسْأَلَة الْهِبَة وَنَحْوهَا مِمَّا مر لِأَن الْكل بمعزل عَن الْخِصَام وَالله أعلم. تَنْبِيه: قَوْله فِي الْمُدَوَّنَة فَهُوَ شَاهد أَي يحلف مَعَه المُشْتَرِي وَيسْتَحق، وَمحله إِذا قَالَ: إِن مُوكله أسقطها بعد التَّوْكِيل وَالْمُوكل حَاضر فِي الْبَلَد فَإِن كَانَ غَائِبا غيبَة يتهم على الِانْتِفَاع بِالْمَالِ أَو أقرّ أَنه أسقطها قبل تَوْكِيله فَإِن شَهَادَته سَاقِطَة للتُّهمَةِ فِي الأولى ولإقراره بِأَنَّهُ إِنَّمَا توكل فِي بَاطِل فِي الثَّانِيَة قَالَه ابْن فَرِحُونَ فِي فصل التَّوْكِيل، وَفِي الْبَاب الثَّانِي وَالْعِشْرين من تبصرته مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute