(إِلَى حِيَازَة) يتَعَلَّق بقوله افتقار وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ (وَذَا الْمُخْتَار) مُبْتَدأ وَخبر والنحلة هِيَ مَا يُعْطِيهِ وَالِد الزَّوْج لوَلَده فِي عقد نِكَاحه أَو وَالِد الزَّوْجَة فِي عقد نِكَاحهَا قَالَه (م) وَهُوَ حد قَاصِر، بل المُرَاد عَطِيَّة شَيْء معِين انْعَقَد النِّكَاح عَلَيْهَا كَانَت من وَالِد أحد الزَّوْجَيْنِ أَو غَيرهمَا كَمَا فِي ابْن سَلمُون، وبقولنا معِين يَتَّضِح الْفرق بَين هَذَا وَبَين الْبَيْت الَّذِي قبله لِأَن حمل الْمهْر نحلة أَيْضا، وعَلى كل حَال لَا يفْتَقر إِلَى حِيَازَة على الْمَشْهُور الْمَعْمُول بِهِ لِأَنَّهَا لما انْعَقَد عَلَيْهَا النِّكَاح صَارَت كَالْبيع، وَسَوَاء كَانَت فِي العقد أَو معلقَة عَلَيْهِ كَقَوْلِه: إِن تزوجت فلك جاريتي فَهِيَ لَهُ إِذا تزوج، وَإِذا مَاتَ الْأَب أَخذهَا من رَأس المَال وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين اخْتصَّ بهَا دون الْغُرَمَاء على قَول ابْن الْقَاسِم. وَهُوَ الصَّحِيح، لِأَن الْمَعْنى أَنه وهب لَهُ الْهِبَة بِالتَّزْوِيجِ قبل أَن يتداين الْأَب قَالَه ابْن رشد. انْظُر الالتزامات. قَالَ ابْن سَلمُون: وَإِن كَانَ المنحول مَالِكًا أَمر نَفسه وَسقط من العقد ذكر الْقبُول لم يضر فَانْظُرْهُ، وَفهم مِمَّا مرّ أَن النحلة إِذا لم ينْعَقد عَلَيْهَا النِّكَاح بل كَانَت قبله أَنه لَا بُد فِيهَا من الْحِيَازَة وَهُوَ كَذَلِك نَص عَلَيْهِ فِي الكراس الْخَامِس من أنكحة المعيار. تَنْبِيهَات. الأول: ظَاهر النّظم أَنَّهَا لَا تفْتَقر لحيازة وَلَو كَانَت مِمَّا يسكنهَا الْأَب، وَالَّذِي فِي الْمُتَيْطِيَّة عَن غير وَاحِد من الموثقين أَن النحلة إِن كَانَت مِمَّا يسكنهُ الْأَب فَلَا تتمّ وَلَا تصح إِلَّا بِخُرُوجِهِ وانتقاله عَنْهَا بِنَفسِهِ وَثقله كَانَت المنحولة بكرا أَو ثَيِّبًا رَشِيدَة أَو سَفِيهَة صَغِيرَة أَو كَبِيرَة. قَالَ: وَإِن كَانَت بِذَهَب أَو فضَّة أَو طَعَام أَو غير ذَلِك فَهِيَ لَازِمَة فِي ذمَّة الناحل وَيُؤْخَذ بهَا فِي حَيَاته وَمَوته اه. فَظَاهره أَن هَذَا تَقْيِيد لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الافتقار إِلَى الْحِيَازَة لِأَنَّهُ ذكر ذَلِك بعد أَن قرر أَن الْعَمَل على عدم الافتقار إِلَيْهَا فَتَأَمّله. وَلَا شُفْعَة فِي هَذِه النحلة على مَا بِهِ الْعَمَل كَمَا فِي الْبُرْزُليّ، وَسَيَأْتِي ذَلِك إِن شَاءَ الله عِنْد قَول النَّاظِم: وَالْمَنْع فِي التَّبَرُّعَات مفترض الخ. فَهِيَ وَإِن كَانَت جَارِيَة مجْرى البيع فِي عدم افتقارها للحيازة لَكِن أَعْطَيْت حكم الْهِبَة فِي بَاب الشُّفْعَة. الثَّانِي: سُئِلَ ابْن رشد والسائل لَهُ عِيَاض عَمَّن نحلت ابْنَتهَا وَلما طولبت بميراث الْبِنْت من أَبِيهَا؟ قَالَت: هُوَ مَا أخذت فِي النحلة فَهَل تعذر بِالْجَهْلِ وَنزلت فَلم يعذرها بعض الشُّيُوخ وَأفْتى بإلزامها الْمَالَيْنِ. قَالَ المتيطي: وشاركني فِيهَا القَاضِي ابْن مَنْظُور، وَكَانَ هُوَ الْحَاكِم فِيهَا فملت إِلَى عذرها لِأَن النَّاس الْيَوْم لَا يعْرفُونَ النحلة وَمَال القَاضِي يَعْنِي ابْن مَنْظُور إِلَى ذَلِك فرأيته أَحْلف الْمَرْأَة أَنَّهَا مَا أَرَادَت بالنحلة إِلَّا مِيرَاثهَا وَنزلت عِنْدِي فَأَرَدْت رَأْيك فِيهَا. فَأَجَابَهُ مَا حكم بِهِ القَاضِي بإشارتك صَحِيح عِنْدِي، وَبِه أَقُول فانفذ ذَلِك من حكمه فِيهَا موفقاً معاناً اه بِاخْتِصَار. فَقَوله: مَا حكم بِهِ القَاضِي أَي من أَنَّهَا تعذر وَتصدق مَعَ يَمِينهَا لِأَن الْعرف شَاهد لَهَا، وَإِن خَالَفت دَعْوَاهَا اللُّغَة. الْبُرْزُليّ: الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة يجْرِي على مُعَارضَة الْعرف لدَلِيل اللُّغَة، وَالْمَشْهُور تَقْدِيم الْعرف وَنَقله ابْن سَلمُون أَيْضا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute