الثَّالِث: سُئِلَ ابْن رشد أَيْضا عَمَّن نحل ابْنَته ثلث مستغل أملاكه أَيْنَمَا كَانَت فِي عقد النِّكَاح، واستغل ذَلِك المنحول مُدَّة من عشرَة أَعْوَام فَلَمَّا توفّي الناحل قَامَ ورثته وَقَالُوا: إِنَّمَا أَرَادَ الناحل مُدَّة حَيَاته؟ فَأجَاب: الَّذِي أَقُول بِهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَن لَهَا ثلث استغلال جَمِيع الْأَمْلَاك مَا بقيت فِي حَيَاته ولورثته بعد وَفَاته قِيَاسا على مَسْأَلَة من وهب خدمَة عَبده لرجل وَلم يقل حَيَاة المخدم وَلَا حَيَاة العَبْد أَن للمخدم خدمَة مَا بَقِي إِلَّا أَن يدل دَلِيل أَنه أَرَادَ حَيَاة المخدم بِالْفَتْح. نقل ذَلِك الْبُرْزُليّ وَهُوَ فِي الزياتي بأبسط من هَذَا. الرَّابِع: مَا مر فِي النحلة الْمُعَلقَة على التَّزْوِيج أَنَّهَا تكون للمنحول ويحاص بهَا إِن كَانَت مُعينَة، مَعْنَاهُ إِن مَاتَ الناحل بعد التَّزَوُّج لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ والفلس انْتقل الْحق للْغَيْر، فَفِي منتخب الْأَحْكَام سمع عَليّ بن زِيَاد عَن مَالك فِي رجل أنكح أَوْلَادًا لَهُ وَأعْطى كل وَاحِد مِنْهُم من مَاله فِي إنكاحه شَيْئا مَعْلُوما، وَأشْهد أَن لمن بَقِي من أَوْلَاده الصغار مِمَّا لم ينْكح فِي مَاله مثل مَا أعْطى من أنكح مِنْهُم ثمَّ مَاتَ الْأَب على ذَلِك فَقَالَ: إِن أبرز لَهُم شَيْئا من مَاله وَأشْهد عَلَيْهِ جَازَ وإلَاّ فَلَا شَيْء لَهُم اه. وَنَقله فِي الْمُفِيد وَفِي المعيار من جَوَاب لمؤلفه أَن من نقد صَدَاقا عَن وَلَده وَأعْطى لمن لم يتَزَوَّج شَيْئا فِي مُقَابلَة مَا أعْطى لغيره أَن ذَلِك وَصِيَّة لوَارث إِن كَانَ فِي الْمَرَض اه. فَظَاهر الْمُنْتَخب أَنه إِن لم يبرز شَيْئا لَا شَيْء لَهُم، وَإِن علق ذَلِك على تزويجهم كَقَوْلِه: إِن تزوجوا فَلهم من الدَّنَانِير كَذَا وَهَذَا غير مُخَالف لما مرّ فِي الْبَيْت قبله من أَنه إِذا قَالَ: إِن تزوجت فلك مائَة دِينَار لِأَن ذَلِك فِيمَا إِذا مَاتَ أَو فلس بعد التَّزَوُّج وَمَا هُنَا فِيمَا إِذا حصل الْمَوْت أَو الْفلس قبله لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ أَو الْفلس انْتقل الْحق للْغَيْر، فَلم يَقع الْمُعَلق عَلَيْهِ حَتَّى انْتقل الْحق وَهُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الالتزامات فِي الرجل يَقُول لِابْنِهِ: أصلح نَفسك وَتعلم الْقُرْآن وَلَك قريبتي فُلَانَة فيصلح نَفسه ويتعلم الْقُرْآن ثمَّ يَمُوت أَبوهُ. قَالَ: لَا شَيْء لَهُ إِلَّا إِذا أشهد قوما وَأَنه إِن أصلح نَفسه أَو تعلم الْقُرْآن فَلهُ قريبتي أَو عَبدِي فَإِن ذَلِك لَهُ إِذا كَانَ الْوَلَد صَغِيرا فِي ولَايَة أَبِيه، وَيكون ذَلِك حوزاً لَهُ أما إِذا لم يشْهد فَيمكن أَن يكون قَالَ لَهُ ذَلِك على وَجه التحريض اه. فالموت فِي هَذِه بعد وجود الْمُعَلق عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْإِصْلَاح والتعلم فَانْظُر ذَلِك. تَنْبِيه: وجدت فِي بعض التقاييد أَن عَطِيَّة الْأَب لوَلَده عِنْد ختم الْقُرْآن أَو ختانه لَا تفْتَقر لحيازة قَالَه الشّعبِيّ فقف عَلَيْهِ اه. قلت: وَهُوَ غير ظَاهر لِأَن النحلة لما انْعَقَد النِّكَاح عَلَيْهَا فَهِيَ مُعَاوضَة وَلَا كَذَلِك الْخَتْم والختان الْمَذْكُورَان، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال مَعْنَاهُ مَا مرّ من أَنه قَالَ لَهُ: إِن ختمت الْقُرْآن، أَو يُقَال إِنَّه جعل ذَلِك لمعلمه الَّذِي يقْرَأ عَلَيْهِ فَهِيَ حِينَئِذٍ مُعَاوضَة فَتَأَمّله. وينْفُذُ المَنْحُولُ للصَّغير مَعْ أخيهِ فِي المُشَاعِ إِن موتٌ وَقَعْ (وَينفذ) بِفَتْح الْيَاء وَضم الْفَاء مَبْنِيا للْفَاعِل وَيصِح بِنَاؤُه للْمَفْعُول (المنحول) فَاعله أَو نَائِبه (للصَّغِير) يتَعَلَّق بِهِ (مَعَ أَخِيه) كَذَلِك وَهُوَ بِسُكُون الْعين (فِي الْمشَاع) فِي مَحل نصب على الْحَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute