نقلت عَنهُ لمن يرضى، وَكَذَلِكَ إِن اشتكت ضَرَره وَهِي بالبادية لم يلْزمه نقلهَا للحاضرة إِلَّا أَن لَا يكون حولهَا من الْبَادِيَة من يرضى وَتَكون الْحَاضِرَة أقرب. وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّة: إِن ضربهَا ضربا خَفِيفا لغير الْأَدَب لَا قيام لَهَا حَتَّى يتَكَرَّر ذَلِك من فعله مرَارًا أَو يكون الضَّرْب فَاحِشا إِذْ الضَّرْب الْخَفِيف لَا يكَاد يسلم مِنْهُ الْأزْوَاج فَصَارَ كالمدخول عَلَيْهِ. وَعَن ابْن الْقَاسِم قد تستوجب الضَّرْب الوجيع بالذنب ترتكبه، وَذَلِكَ إِذا كَانَ الذَّنب مَعْرُوفا قَالَ: وَقد شج عبد الله بن عمر زوجه صَفِيَّة فَلَا تكون الشَّهَادَة بِالضَّرَرِ أَو بِالضَّرْبِ حَتَّى يَقُول الشُّهُود إِنَّه ضربهَا أَو أضرّ بهَا فِي غير ذَنْب تستوجبه ثمَّ قَالَ: وَقد ضرب الزبير أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا لكَونهَا كَانَت تخرج بِغَيْر إِذْنه ضربا وجيعاً فشكت بذلك إِلَى أَبِيهَا فَقَالَ لَهَا: اصْبِرِي فَإِن الزبير رجل صَالح، وَلَعَلَّه يكون زَوجك فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ بَلغنِي أَن الرجل الصَّالح إِذا ابتكر امْرَأَة تكون لَهُ زوجا فِي الْجنَّة اه بِاخْتِصَار. وَيَثْبُتُ الإضْرَارُ بالشُّهُودِ أَوْ بِسَمَاعِ شَاعَ فِي الْوُجُودِ (وَيثبت الْإِضْرَار) فعل وفاعل (بالشهود) يتَعَلَّق بِهِ (أَو بِسَمَاع) مَعْطُوف على مَا قبله يَلِيهِ (شاع) فَاعله ضمير يعود على السماع (فِي الْوُجُود) يتَعَلَّق بشاع وَالْجُمْلَة صفة لسَمَاع، وَمَعْنَاهُ أَن ضَرَر أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر يثبت بِأحد أَمريْن إِمَّا بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ فَأكْثر بمعاينتهم إِيَّاه لمجاورتهم للزوجين أَو لقرابتهم مِنْهُمَا وَنَحْو ذَلِك، وَإِمَّا بِالسَّمَاعِ الفاشي المستفيض على أَلْسِنَة الْجِيرَان من النِّسَاء والخدم وَغَيرهمَا بِأَن فلَانا يضر بِزَوْجَة فُلَانَة بِضَرْب أَو شتم فِي غير حق أَو تجويع أَو عدم كَلَام أَو تَحْويل وَجهه عَنْهَا فِي فرَاشه كَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّة قَالَ مَالك: وَلَيْسَ عندنَا فِي قلَّة الضَّرَر وكثرته شَيْء مَعْرُوف. تَنْبِيهَانِ. الأول: لَا بُد أَن يضمن الشُّهُود فِي الْوَجْهَيْنِ أَنهم لَا يعلمُونَ أَن المضر مِنْهُمَا رَجَعَ عَن الْإِضْرَار بِصَاحِبِهِ وأقلع عَنهُ وَإِلَّا لم تعْمل كَمَا فِي المعيار وَغَيره فَإِن ادّعى الزَّوْج أَنَّهَا مكنته من نَفسهَا بعد قِيَامهَا بِالضَّرَرِ وصدقته سقط حَقّهَا كَانَت جاهلة أَو عَالِمَة فَإِن ادَّعَت الْجَهْل لم يعْذر قَالَه فِي الْمُتَيْطِيَّة. قلت: وَينزل منزلَة التَّصْدِيق ثُبُوت الْخلْوَة بَينهمَا بِرِضَاهَا بعد الْقيام لِأَن القَوْل لمُدعِي الْوَطْء فِيهَا كَمَا يظْهر ذَلِك من كَلَامهَا وَهُوَ ظَاهر. الثَّانِي: لَا يشْتَرط هَهُنَا فِي شَهَادَة السماع أَن ينصوا فِي وثيقته عَن الثِّقَات على الْمَشْهُور قَالَه ابْن رحال بِخِلَاف غير الضَّرَر فَلَا بُد مِنْهُ كَمَا مر، وَمَا ذكره هُوَ الَّذِي يفِيدهُ كَلَام الْمُتَيْطِيَّة وَنَصهَا. وَيجْزِي عِنْد ابْن الْقَاسِم عَدْلَانِ على السماع الفاشي من لفيف النَّاس وَالْجِيرَان بذلك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute