وتكثير الشُّهُود أحب إِلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُور من الْمَذْهَب، وَبِه الْعَمَل. وَحكى حُسَيْن بن عَاصِم: إِنَّه لَا تجوز شَهَادَة السماع إِلَّا عَن الْعُدُول إِلَّا فِي الرَّضَاع فَيجوز أَن يشْهد العدلان عَن لفيف الْقَرَابَة وَالْجِيرَان من النِّسَاء وَهُوَ أحسن لِأَنَّهُ لَا يحضرهُ الرِّجَال فِي الْأَغْلَب، ثمَّ قَالَ: وَلَا يجوز فِي السماع بِالضَّرَرِ شَهَادَة النِّسَاء وحدهن لِأَن الطَّلَاق من مَعَاني الْحُدُود فَلَا تجوز فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء اه. وَانْظُر مَا تقدم فِي شَهَادَة السماع، وَمَفْهُوم النّظم أَنه لَا يثبت بِغَيْر هذَيْن الْأَمريْنِ وَلَو شرطت عَلَيْهِ فِي أصل العقد أَو بعده أَنَّهَا مصدقة فِي الضَّرَر الَّذِي تدعيه بِغَيْر يَمِين، وَفِي ذَلِك تَفْصِيل تقدم فِي فصل فَاسد النِّكَاح. وَحَاصِله، إِن كَانَ بعد العقد لزم شَرطهَا اتِّفَاقًا وَإِن كَانَ فِي صلب العقد فَقَالَ سَحْنُون: أَخَاف أَن يفْسخ النِّكَاح قبل الْبناء وَلَا تصدق فِيهِ بعد الدُّخُول إِلَّا بِبَيِّنَة وَنَحْوه لِابْنِ دحون، وَظَاهر النّظم أَنه الرَّاجِح لِأَنَّهُ جعل ثُبُوته بَين الْأَمريْنِ فَقَط، وَلابْن عبد الغفور أَنه يلْزمه الشَّرْط حَيْثُ جعله لَهَا فِيهِ وَفِي الرحيل والزيارة دون المغيب، وَالظَّاهِر من وثائق ابْن فتحون أَن المغيب كالضرر انْظُر ابْن سَلمُون فِي فصل الشُّرُوط فِي النِّكَاح، وَمَفْهُوم قَوْلهم بِغَيْر يَمِين أَنه بِيَمِين يعْمل بشرطها قولا وَاحِدًا فَتَأَمّله. وَإنْ تَكُنْ قَدْ خَالَعَتْ وَأَثْبَتَتْ إضْرَارَهُ فَفِي اخْتِلَاعٍ رَجَعَتْ (وَإِن تكن) شَرط (قد خالعت) خبر تكن (وأثبتت) مَعْطُوف على مَا قبله يَلِيهِ (إضراره) مفعول بأثبتت وفاعله ضمير الزَّوْجَة (فَفِي اختلاع) يتَعَلَّق بقوله (رجعت) وَالْجُمْلَة جَوَاب الشَّرْط دخلت عَلَيْهِ الْفَاء واختلاع مصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي المخالع بِهِ، وَالْمعْنَى أَن الزَّوْجَة إِذا خالعت زَوجهَا على شَيْء دَفعته لَهُ ثمَّ أَثْبَتَت بعد ذَلِك إضراره بهَا بِبَيِّنَة الْقطع أَو السماع فَإِنَّهَا ترجع بِمَا خالعته بِهِ إِن لم يكن عِنْد الزَّوْج مدفع فِيمَا أثبتته من كَونه اختلى بهَا طَائِعَة بعد قِيَامهَا أَو كَونهَا مكنته من نَفسهَا أَو تجريحه الْبَيِّنَة الشاهدة بضررها وَنَحْو ذَلِك، وَالطَّلَاق لَازم على كل حَال وَإِذا لم يجد الزَّوْج مدفعاً وَاحْتج بِأَن الزَّوْجَة قد أشهدت فِي رسم الْخلْع أَنَّهَا فعلت ذَلِك طيبَة النَّفس بِهِ فَلَا ينْتَفع بذلك لِأَن ثُبُوت الْإِكْرَاه يسْقط حجَّته كَمَا أَنه لَا ينْتَفع بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ أَنَّهَا مكنته من نَفسهَا بعد الْقيام بِالضَّرَرِ، وَقبل عقد الْخلْع وَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْيَمين لرد دَعْوَاهُ. وَظَاهر النّظم أَن لَهَا الرُّجُوع وَإِن لم تسترع قبل عقد الْخلْع وَهُوَ كَذَلِك إِن قَامَت لَهَا بَيِّنَة لم تعلمهَا وَقت الْخلْع اتِّفَاقًا، وَكَذَا إِن علمت بهَا على الْأَصَح لِأَن ضَرَره يحملهَا على الِاعْتِرَاف بالطوع، وَإِذا استرعت فَلَا حجَّة للزَّوْج عَلَيْهَا فِي إِسْقَاطه فِي وَثِيقَة الْخلْع (خَ) : وَلَا يَضرهَا إِسْقَاط الْبَيِّنَة المسترعاة على الْأَصَح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute