للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَين الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا. وَانْظُر لَو نوى بالخفية الطَّلَاق وَلم ينْو عددا فَهَل يلْزمه الثَّلَاث؟ وَبِه جزم ابْن رحال فِي حَاشِيَته هَهُنَا أَو يجْرِي على مَا يَأْتِي فِي قَوْله: وموقع الطَّلَاق دون نِيَّة. وَهُوَ الظَّاهِر. وَقَالَ ابْن عَرَفَة: وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق فَهُوَ مَا نوى فَإِن لم ينْو شَيْئا فَوَاحِدَة اه. وَقَالَ فِي النِّهَايَة: فَهَذِهِ الْأَلْفَاظ يَعْنِي أَنْت طَالِق وَنَحْوه يحكم فِيهَا بِوَاحِدَة نَوَاهَا أَو لم ينْو شَيْئا اه. وَهُوَ قَول (خَ) وَتلْزم وَاحِدَة إلاّ لنِيَّة أَكثر، وَحِينَئِذٍ فَإِذا نوى بالخفية الطَّلَاق فَإِنَّهُ تلْزمهُ وَاحِدَة إِلَّا أَن يَنْوِي أَكثر كَمَا لَو قَصده بقوله: أَنْت طَالِق فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا وَاحِدَة أَيْضا إلَاّ لنِيَّة أَكثر، وَيصدق فِي صفة هَذِه الْوَاحِدَة من كَونهَا بَائِنَة أَو رَجْعِيَّة كَمَا ذكر الْمواق عَن ابْن رشد، وَأَنه إِذا أَرَادَ بقوله: أَنْت طَالِق طَلْقَة المباراة أَي الطَّلقَة البائنة فَتلْزمهُ الْبَيْنُونَة وَيصدق فِي ذَلِك وَلَا يرتدف طَلَاقه عَلَيْهَا إِن جَاءَ مستفتياً. تَنْبِيهَات. الأول: إِذا قُلْنَا تلْزمهُ وَاحِدَة إلَاّ لنِيَّة أَكثر فَاخْتلف هَل يصدق فِي إِرَادَة الْوَاحِدَة بِغَيْر يَمِين كَمَا هُوَ ظَاهر (خَ) وَصَححهُ فِي الشَّامِل أَو بِيَمِين وشهره ابْن بشير؟ وهما قَولَانِ على يَمِين التُّهْمَة، وَالْمَشْهُور توجهها كَمَا مر، وَاقْتصر فِي الْمعِين فِي قَوْله: فارقتك على وجوب الْيَمين أَنه مَا أَرَادَ إِلَّا وَاحِدَة قَالَ احلولو: وَمُقْتَضى ابْن بشير وَغَيره: أَن الْيَمين تتَوَجَّه على القَوْل بِهِ سَوَاء قَالَ: نَوَيْت وَاحِدَة أَو لم أنو شَيْئا. قَالَ ابْن رحال فِي الشَّرْح: وَهَذَا الْخلاف إِنَّمَا هُوَ إِذا لم يكن مستفتياً بِدَلِيل أَن الْحلف لأجل التُّهْمَة أَي: لِأَن التُّهْمَة إِنَّمَا تتطرق إِلَيْهِ عِنْد المرافعة. وَكَذَا تجب الْيَمين فِي الْكِنَايَة الظَّاهِرَة لِأَنَّهُ يَنْوِي فِيهَا كلهَا أَنه أَرَادَ بهَا الْوَاحِدَة فِي غير الْمَدْخُول بهَا، لَكِن بِيَمِينِهِ من غير فرق بَين حبلك على غاربك وَالْميتَة وَغَيرهمَا من الْكِنَايَة الظَّاهِرَة قَالَ: مَا عدا لفظ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فِيهَا أَنه أَرَادَ الْوَاحِدَة قبل الْبناء على مَذْهَب الْمُدَوَّنَة، وَقيل: يَنْوِي أَيْضا وكلا الْقَوْلَيْنِ قوي اه. وَأما الْمَدْخُول بهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فِي إِرَادَته أقل كَمَا فِي الْمَتْن. وَالْفرق أَن غير الْمَدْخُول بهَا تبين بالواحدة والمدخول بهَا لَا تبين إِلَّا بِالْخلْعِ أَو بِالطَّلَاق الَّذِي حكم بِهِ الْحَاكِم فِي غير الْإِيلَاء والعسر بِالنَّفَقَةِ أَو بِالثلَاثِ، وَإِذا فقد الْأَوَّلَانِ هُنَا تعين الثَّلَاث قَالَ: لَكِن إِنَّمَا يظْهر لُزُوم الثَّلَاث فِيهَا وَعدم تَصْدِيقه فِي إِرَادَته أقل حَيْثُ لم يجر الْعَمَل بِالطَّلَاق المملك، أما حَيْثُ جرى بِهِ وَأَنَّهَا تبين بِغَيْر عوض على مَا عَلَيْهِ النَّاس الْآن، فَإِذا قَالَ: نَوَيْت بخليت سَبِيلك أَو بميتة أَو ببائنة طَلَاق المباراة أَو الطَّلقَة المملكة فَيقبل قَوْله اه. أَي: لِأَن النَّاس الْيَوْم يقصدون الْبَيْنُونَة بِدُونِ الثَّلَاث كَمَا قدمْنَاهُ عِنْد قَول النَّاظِم، وَفِي المملك خلاف الخ. وَتقدم أَنه إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق طَلْقَة بَائِنَة فَتلْزمهُ وَاحِدَة على الْأَصَح وَعَن الْمواق مَا نَصه: قد نصوا أَن من طلق طَلَاق الْخلْع فَهُوَ بَائِن وَهُوَ طَلَاق زمننا فَعَلَيهِ صَار حكم الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا سَوَاء، وَبِهَذَا كَانَ أشياخنا وأشياخهم يفتون. وَقد نصب ابْن بشير على هَذَا الْمَعْنى فَانْظُرْهُ اه. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّمَا قَالَ الإِمَام مَالك بِلُزُوم الثَّلَاث فِي الْمَدْخُول بهَا لِأَنَّهُ لم يكن فِي زَمَنه الطَّلَاق المملك أَي الْبَائِن بِدُونِ خلع وَلَا حكم وَلَا ثَلَاث، وَأما حَيْثُ كَانَت النَّاس الْيَوْم تسْتَعْمل الْبَيْنُونَة بِغَيْر ذَلِك وَهُوَ الطَّلَاق المملك فَتَصِير الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا فِي التنويه، سَوَاء قَالَ مَعْنَاهُ فِي المعيار عَن أبي عبد الله الفخار وَحِينَئِذٍ فينوي مُطلقًا مستفتياً أم لَا. دخل أم لَا. وَلَا يخْتَص ذَلِك بالاستفتاء كَمَا مر عَن ابْن رشد. أَلا ترى أَن الْحَرَام ثَلَاث عِنْد الأقدمين وَالْعَمَل الْيَوْم على لُزُوم الْوَاحِدَة البائنة مُطلقًا وَمَا ذَلِك إِلَّا لما قَالُوهُ من الْعرف وَأَن عرف النَّاس الْيَوْم على قصد المملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>