للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيدل لذَلِك أَنهم أناطوا الْأَحْكَام بِالنِّيَّةِ وَالْعرْف لَا بِالظَّنِّ والاعتقاد، وَقد يظنّ الْإِنْسَان أَو يعْتَقد حكما وَلَا ينويه عِنْد التَّلَفُّظ وَهُوَ إِذا لم يُنَوّه يرجع فِيهِ للْعُرْف أَو يُقَال تقع عَلَيْهِ الْبَيْنُونَة إِذْ هُوَ لَا يقْصد غير ظَنّه فَتَأمل. وَأما الْعَكْس كَمَا لَو ظن أَنَّهَا لَا تبين بِلَفْظ الْبَتَّةَ مثلا، وَأَنَّهَا رَجْعِيَّة أَو أَنَّهَا وَاحِدَة بَائِنَة وَالْعرْف أَنَّهَا ثَلَاث فَلَا إِشْكَال أَنه يلْزمه مَا بِهِ الْعرف وَلَا يَنْفَعهُ ظَنّه كَمَا مر. وَقد قَالَ ابْن رحال فِي بَاب الْقَضَاء عِنْد قَوْله: أَو جعل بتة وَاحِدَة الخ. الرَّاجِح لُزُوم الْوَاحِدَة البائنة فِي لفظ الْبَتَّةَ وَمَا ذَاك إِلَّا للْعُرْف. الرَّابِع: قَالَ الْبُرْزُليّ، قَالَ ابْن يُونُس فِي كتاب الطَّلَاق: وَلَو مَسهَا بِيَدِهِ أَو ضربهَا وَقَالَ: أردْت الطَّلَاق لم تطلق إِجْمَاعًا. الْقَرَافِيّ: وَهُوَ مُشكل على الطَّلَاق بِمُجَرَّد النِّيَّة فَإِنَّهُ نِيَّة وَفعل اه. وتأمله أَيْضا مَعَ مَا مر من أَنه يلْزم بِالْفِعْلِ ثمَّ إِن النَّاظِم لم يذكر من أَرْكَان الطَّلَاق إِلَّا اللَّفْظ، فيفهم مِنْهُ أَن الطَّلَاق لَا يلْزم بِمُجَرَّد النِّيَّة من غير لفظ أصلا وَلَا مَا يقوم مقَامه من كِتَابَة أَو فعل على مَا مر، وَهُوَ كَذَلِك عِنْد الْأَكْثَر. ابْن عَرَفَة: وَفِي لَغْو الطَّلَاق بِمُجَرَّد النِّيَّة الجازمة روايتا الْأَكْثَر وَأَشْهَب اه. وَانْظُر الْفرق بَين الْكَلَام النفساني وَمُجَرَّد الْقَصْد عِنْد قَوْله فِيمَا يَأْتِي: وَمَالك لَيْسَ لَهُ بملزم الخ. وَمن أَرْكَانه أَيْضا الْقَصْد أَي قصد التَّلَفُّظ بِالطَّلَاق أَو الْكِنَايَة مَعَ معرفَة معنى ذَلِك لَا أَن لم يقْصد بل هذي كَمَرَض أَو لقن بِلَا فهم كَمَا مرّ. وَيبقى النّظر فِيمَا إِذا لم يكن اللَّفْظ من الْكِنَايَة وَلَا من الصَّرِيح وَقصد التَّلَفُّظ بِهِ، وَهُوَ يظنّ أَنه يلْزم فِيهِ الطَّلَاق، وَلَكِن لم ينْو بِهِ وَقت التَّلَفُّظ طَلَاقا فَفِي الْبُرْزُليّ عَن تعلقة. ابْن الْعَطَّار: إِن الشَّخْص إِذا قَالَ: كل مَا أعيش فِيهِ حرَام وَهُوَ يظنّ أَن ذَلِك طَلَاق فَلَيْسَ يضرّهُ جَهله بِأَن ذَلِك لَيْسَ بِطَلَاق وَلَا يكون طَلَاقا إِلَّا أَن يقْصد أَنَّهَا طَالِق بِهَذَا اللَّفْظ فَيكون طَلَاقا كَمَا لَو قَالَ: ادخلي الدَّار يُرِيد بِهِ الطَّلَاق اه. وَهَذَا إِذا لم يجر الْعرف بِاسْتِعْمَال ذَلِك اللَّفْظ فِي الطَّلَاق وإلَاّ لزمَه الطَّلَاق، وَلَو لم ينْو بِهِ كَمَا مرّ، وكما ذكره الْبُرْزُليّ فِي هَذَا اللَّفْظ بِعَيْنِه أَيْضا. وَذكر (خَ) قَوْلَيْنِ فِيمَا إِذا قَالَ: كل مَا أعيش فِيهِ حرَام الخ. وَظَاهره جريانهما كَأَن يَظُنّهُ طَلَاقا أم لَا. وَثَالِثهَا الْمحل الَّذِي هُوَ الْعِصْمَة الْمَمْلُوكَة تَحْقِيقا أَو تَقْديرا كَقَوْلِه لأجنبية: إِن تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق أَو إِن دخلت الدَّار وَنوى بعد نِكَاحهَا فَيلْزمهُ لَا إِن لم ينْو ذَلِك فَلَا شَيْء عَلَيْهِ. وَرَابِعهَا: الْأَهْل أَي الزَّوْج، وَشَرطه أَن يكون مُسلما بَالغا عَاقِلا فَلَا يَصح وَلَا يلْزم طَلَاق الْكَافِر وَلَا الصَّبِي وَلَا فَاقِد الْعقل بجنون أَو إِغْمَاء إِلَّا أَن يكون بسكر حرَام أدخلهُ على نَفسه، فَيلْزمهُ على مَا أَشَارَ لَهُ بقوله: وَيَنْفُذ الْوَاقِعُ مِنْ سَكْرَانِ مُخْتَلِطٍ كالْعِتْقِ والأيمَانِ (وَينفذ الْوَاقِع) فعل وفاعل (من سَكرَان) يتَعَلَّق بالواقع (مختلط) صفة لسكران (كَالْعِتْقِ) الْكَاف للتشبيه لَا تتَعَلَّق بِشَيْء كَمَا مر (والأيمان) مَعْطُوف عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِير وَينفذ الطَّلَاق الْوَاقِع من سَكرَان مختلط عقله فَيُصِيب مرّة ويخطىء أُخْرَى لكَونه مَعَه ضرب من التَّمْيِيز كَمَا ينفذ الْعتْق الْوَاقِع مِنْهُ، والأيمان الصادرة مِنْهُ بِطَلَاق أَو غَيره كَمَا هُوَ ظَاهره، وَظَاهره أَيْضا أَنه ينفذ مِنْهُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>