للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَيْثُ عممها فِي بياعات الشُّرُوط كَمَا مرّ. وَفِي كَلَام النَّاظِم مُخَالفَة للتَّرْتِيب الطبيعي إِذْ هُوَ يَقْتَضِي تَقْدِيم هَذَا الْبَيْت على قَوْله: وَالْبيع بالثنيا لفسخ دَاع الخ. لِأَن التَّصَوُّر مقدم على الحكم طبعا فَيَنْبَغِي تَقْدِيمه وضعا كَمَا قَالَ فِي السّلم: إِدْرَاك مُفْرد تصوراً علم ودرك نِسْبَة بِتَصْدِيق وسم وَقدم الأول عِنْد الْوَضع لِأَنَّهُ مقدم بالطبع وتقديمه إِنَّمَا هُوَ على جِهَة الْأَوْلَوِيَّة لَا على جِهَة الْوُجُوب، لِأَنَّهُ وَارِد فِي الْعَرَبيَّة، وَلَا يلْزم عَلَيْهِ دور وَلَا غَيره حَتَّى يمْنَع فَهُوَ كَقَوْل (خَ) : يرفع الْحَدث وَحكم الْخبث بالمطلق وَهُوَ مَا صدق عَلَيْهِ اسْم مَاء بِلَا قيد وَكَقَوْلِه فِي الدِّمَاء: واقتص من مُوضحَة أوضحت عظم الرَّأْس الخ. وَكَقَوْلِه فِي الحَدِيث: (لَهَا كلاليب مثل شوك السعدان هَل رَأَيْتُمْ شوك السعدان) : فَلَو قَالُوا لَا لأراهم إِيَّاهَا وصورها لَهُم، وَإِذا علمت هَذَا فَالْجَوَاب عَمَّا ورد من ذَلِك بِأَنَّهُ من بَاب تَقْدِيم الحكم على التَّصْوِير لَا على التَّصَوُّر، والممنوع إِنَّمَا هُوَ الثَّانِي كَمَا قَالُوهُ عِنْد قَول (خَ) : يرفع الْحَدث. الخ. كُله غير سديد، لِأَن ذَلِك إِن كَانَ بِالنِّسْبَةِ للمخاطب كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر من كَلَامهم فَالْحكم وَاحِد لما علمت من أَن التَّصْوِير فعل الْفَاعِل وَهُوَ أَيْضا حد للصورة وَشَرحه إِيَّاهَا، والتصور حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الذِّهْن بِسَبَب ذَلِك التَّصْوِير أَو بِغَيْرِهِ فَيلْزم من التَّصْوِير حُصُول الصُّورَة، والمقدم على الأَصْل مقدم على الْفَرْع، فَيلْزم من تَقْدِيمه على التَّصْوِير تَقْدِيمه على التَّصَوُّر، وَإِنَّمَا الْجَواب الْحق أَن يُقَال: تَقْدِيم الحكم على التَّصَوُّر بِالنِّسْبَةِ للمخاطب غير مَمْنُوع لِأَن الْمُخَاطب قد يكون تصور الشَّيْء من جِهَة أُخْرَى، وَإِذا لم يتصوره صوره لَهُ الْمُتَكَلّم بعد إِن شَاءَ أَو إِن سَأَلَهُ الْمُخَاطب عَنهُ كَمَا فعل النَّاظِم و (خَ) وَإِذا لم يسئل عَنهُ لكَونه مصوراً عِنْده لم يصوره لَهُ كَمَا فِي الحَدِيث، وَلَيْسَ هَذَا من بَاب إِدْخَال الحكم فِي الْحَد حَتَّى يكون مَمْنُوعًا كَمَا قَالَ فِي السّلم: وَعِنْدهم من جملَة الْمَرْدُود أَن تدخل الْأَحْكَام فِي الْحُدُود لِأَن النَّاظِم لم يدْخل الحكم فِي الْحَد كَمَا ترى، وَإِنَّمَا قدمه عَلَيْهِ وَالله أعلم. وَإِن كَانَ ذَلِك بِالنِّسْبَةِ للمتكلم فَمن أَيْن لنا بِأَن النَّاظِم وَنَحْوه لم يتصوره بل تصَوره عِنْد الحكم بِالْفَسْخِ ثمَّ صوره للْغَيْر بعد ذَلِك، وَعَلِيهِ فَلَا حَاجَة لهَذَا الْإِيرَاد بِالْكُلِّيَّةِ إِذْ لَا يحكم أحد على غَيره بِأَنَّهُ لم يتَصَوَّر كَذَا وَهُوَ لم يطلع على مَا فِي ضَمِيره حَتَّى يحْتَاج للجواب عَنهُ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلهم لِأَن الحكم على الشَّيْء فرع تصَوره هَذَا صَحِيح بِالنِّسْبَةِ للمتكلم إِذا اطَّلَعْنَا على مَا فِي ضَمِيره وَأَنه حكم قبل أَن يتَصَوَّر حَقِيقَة الشَّيْء الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ حِينَئِذٍ: كَانَ يَنْبَغِي لَك أَن لَا تحكم على شَيْء حَتَّى تتصوره، وَأما بِالنِّسْبَةِ للمخاطب فَلَا لِأَنَّهُ قد يحكم لَهُ على الشَّيْء، ثمَّ بعد ذَلِك يصور لَهُ ذَلِك الشَّيْء إِن لم يكن عرفه، وَقد لَا يصور لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ لكَونه قد عرفه من جِهَة أُخْرَى أَو يسْأَل عَن حَقِيقَته شخصا آخر كَقَوْلِهِم: صحت الْإِجَارَة، وكقولهم صَحَّ وقف مَمْلُوك وَنَحْو ذَلِك مِمَّا هُوَ كثير فقد حكمُوا بِالصِّحَّةِ قبل أَن يصوروا الْمَحْكُوم عَلَيْهِ للمخاطب لكَونه مَعْرُوفا عِنْده، أَو لكَونه يسْأَل عَنهُ الْغَيْر. وَجَازَ إنْ وَقَعَ بَعْدَ العَقْدِ طَوْعاً بِحْدَ وَبِغَيْرِ حَدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>