(وَجَاز) أَي البيع بالثنيا (إِن وَقع) بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي (بعد) انبرام (العقد) وَتَمَامه (طَوْعًا) مِنْهُمَا (بِحَدّ) كَقَوْل المُشْتَرِي للْبَائِع: إِن جئتني بِالثّمن لسنة أَو عشْرين سنة مثلا فالمبيع مَرْدُود عَلَيْك (أَو بِغَيْر حد) كَقَوْلِه: مَتى جئتني بِالثّمن فالمبيع لَك قَالَ الْفَقِيه رَاشد فِي جَوَاب لَهُ نَقله فِي المعيار: وَهَذِه الْإِقَالَة يَعْنِي التَّطَوُّع بهَا بعد العقد قد أجازوها إِلَى غير غَايَة وَإِلَى غير حد مُؤَجل، وأجازوها أَيْضا إِلَى أجل قريب أَو بعيد اه ثمَّ إِنَّه فِي الْمُطلقَة مَتى أَتَاهُ بِالثّمن لزمَه رد الْمَبِيع إِلَيْهِ، وَيجوز للْمُشْتَرِي فِيهِ التفويت بِالْبيعِ أَو غَيره، ويفوت بِهِ على البَائِع الْمقَال إِلَّا أَن يفيته بالفور مِمَّا يرى أَنه أَرَادَ قطع مَا أوجبه على نَفسه كَمَا لِابْنِ رشد، وَنَقله ابْن عَرَفَة وَغَيره وَهُوَ قَول (خَ) لَا إِن قصد بِالْبيعِ الإفاتة. قَالَ ابْن رشد القفصي: فَإِن قَامَ عَلَيْهِ حِين أَرَادَ التفويت فعلى السُّلْطَان مَنعه من تفويته إِذا أحضرهُ البَائِع الثّمن فَإِن بَاعه بعد أَن مَنعه السُّلْطَان رد وَإِن بَاعه قبل الْقَضَاء عَلَيْهِ بذلك نفذ البيع اه. وَأما فِي الْمقيدَة فَلَا يجوز لَهُ تفويته فَإِن فَوته رد على مَا للموثقين، وَقَيده الْبَاجِيّ بِمَا إِذا لم يبعد أجلهَا كالعشرين سنة فَيكون حكمهَا حكم المبهمة فِي فَوَاتهَا على البَائِع وَعدم ردهَا، وَإِذا جَاءَهُ البَائِع بِالثّمن فِي خلال الْأَجَل أَو عِنْد انقضائه أَو بعده على الْقرب مِنْهُ بِيَوْم وَنَحْوه لَا أَكثر لزمَه قبُوله ورد الْمَبِيع على بَائِعه، وَلَا كَلَام لَهُ فِي أَنه لَا يقبض الثّمن إِلَّا بعد الْأَجَل كَمَا صرح بِهِ المتيطي والقفصي فِي وثائقهما، وَصرح بِهِ أَيْضا العبدوسي فِي جَوَاب لَهُ، وَانْظُر إِذا لم يَأْتِ بِالثّمن حَتَّى انْقَضى الْأَجَل بأيام فَلم يقبل مِنْهُ وَأَرَادَ الْقيام بِالْغبنِ هَل تعْتَبر السّنة من يَوْم البيع أَو يَوْم الِانْقِضَاء وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ الْيَوْم الَّذِي تمّ فِيهِ البيع وَالله أعلم. ثمَّ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ من أَن كَلَامه فِي الثنيا وَهُوَ ظَاهر سِيَاقه وَبِه يرتبط الْكَلَام بعضه بِبَعْض، وَيحْتَمل على بعد أَنه أَشَارَ إِلَى مَسْأَلَة الْخِيَار بعد الْبَتّ الْمشَار إِلَيْهَا بقول (خَ) : وَصَحَّ بيع بت الخ. وَيكون الْمَعْنى وَجَاز الْخِيَار إِن وَقع بعد العقد بِأَجل وَبِغير أجل، لَكِن إِن وَقع بِغَيْر أجل لَا بُد أَن يضربا لَهُ من الْأَجَل مَا يَلِيق بذلك الْمَبِيع كَمَا كرّ أول الْفَصْل فَقَوله حِينَئِذٍ: وَبِغير حد أَي وَقع الْخِيَار بعد العقد وَلم يتعرضا لأجل، لَكِن يضْرب لَهُ من الْأَجَل مَا يَلِيق بِالْمَبِيعِ كَمَا مر فَفِيهَا من اشْترى سلْعَة من رجل ثمَّ جعل أَحدهمَا لصَاحبه الْخِيَار بعد تَمام البيع، فَذَلِك جَائِز وَهُوَ بيع مؤتنف بِمَنْزِلَة بيع المُشْتَرِي لَهَا من غير البَائِع الخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute