تَنْبِيهَات. الأول: قَالَ ابْن عَرَفَة: لَا أعلم مُسْتَندا لأقوال الشُّيُوخ بِصِحَّة الطوع بالثنيا بعد العقد لِأَن التزامها إِن عد من جِهَة الْمُبْتَاع عقدا بتاً فَهُوَ من جِهَة البَائِع خِيَار فَيجب تَأْجِيله لقولها: من اشْترى من رجل سلْعَة إِلَى آخر مَا مرّ قَرِيبا مَعَ قَوْلهَا من ابْتَاعَ سلْعَة بِالْخِيَارِ وَلم يضربا أَََجَلًا جَازَ وَضرب لَهُ من الْأَجَل مَا يَنْبَغِي فِي مثل تِلْكَ السّلْعَة اه. وَنَقله (ح) فِي التزاماته وَقَالَ عقبه. قلت: الظَّاهِر أَنه لَيْسَ هُنَا عقد بيع، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف أوجبه على نَفسه وَالله أعلم اه. قلت: مستندهم فِي ذَلِك ظَاهر، وَهُوَ أَن المُشْتَرِي إِنَّمَا أوجب على نَفسه البيع عِنْد الْإِتْيَان بِالثّمن كَمَا قَالَه أَبُو الْفضل رَاشد فِي جَوَاب لَهُ طَوِيل. ومحصله أَنه لَا يَقع الْإِيجَاب فِي الْإِقَالَة بِنَفس القَوْل، وَإِنَّمَا يَقع الْإِيجَاب بعد الْمَجِيء بِالثّمن وَأَنه لَيْسَ فِي الْحَالة الراهنة إِلَّا الْتِزَام وَتَعْلِيق على وَجه الْمَعْرُوف، وَإِنَّمَا يُوجد البيع فِي ثَانِي حَال حَيْثُ يُوجد الْمُعَلق عَلَيْهِ. الثَّانِي: الثَّمَرَة المؤبرة الْحَادِثَة فِي الثنيا المتطوع بهَا بعد العقد كَمَا هُوَ موضوعنا للْمُشْتَرِي المقيل عملا بقول (خَ) : وَلَا الشّجر المؤبر الخ. وَأَحْرَى إِذا أزهت أَو طابت، وَقَول ابْن هِلَال فِي نوازله: وَالثَّمَرَة للْبَائِع الْمقَال مُطلقًا أبرت أم لَا. لِأَن الْمُبْتَاع ألزم نَفسه مُتَبَرعا بِأَن البَائِع مَتى أَتَاهُ بِالثّمن فالمبيع مَرْدُود عَلَيْهِ، وَقد فرقوا بَين مَا توجبه الْأَحْكَام وَمَا يُوجِبهُ الْمَرْء على نَفسه اه. تعقبه بعض بِأَنَّهُ كَلَام غير صَحِيح لِأَن الْإِقَالَة بيع إِلَّا فِي الطَّعَام وَالشُّفْعَة والمرابحة وَنَحْوهَا، فَإِذا جَاءَ الْمقَال بِالثّمن فَحِينَئِذٍ يَقع البيع كَمَا مر عَن أبي الْفضل رَاشد فَتكون الثَّمَرَة الْمَأْبُورَة للمقيل الَّذِي هُوَ الْمُبْتَاع إِلَّا أَن يشترطها البَائِع الَّذِي هُوَ الْمقَال اه. الثَّالِث: إِذا مَاتَ المتطوع بالثنيا قبل الْأَخْذ بهَا بطلت كَانَت لأجل أَو لغير أجل كَمَا هُوَ ظَاهر إطلاقاتهم لِأَنَّهَا هبة لم تقبض قَالَه أَبُو الْفضل رَاشد وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحسن. قَالَ القوري حَسْبَمَا فِي نَوَازِل الزياتي وَبِه الْقَضَاء وَالْفَتْوَى، وَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَعْرَج. لَا تبطل بِنَاء على أَنَّهَا بيع، وَأما إِذا مَاتَ البَائِع فوارثه بِمَنْزِلَتِهِ اتِّفَاقًا. الرَّابِع: إِذا وَقعت الْإِقَالَة مُطلقَة وَلم يقل إِن أتيتني بِالثّمن فَأفْتى فِيهَا بعض بِأَنَّهَا إِقَالَة لَازِمَة للْمُشْتَرِي ولورثته قَالَ: لِأَن الْقَاعِدَة المذهبية أَن الْإِقَالَة بيع إِلَّا فِي الطَّعَام وَالشُّفْعَة والمرابحة وَنَحْوهَا وعقود الْمُعَاوَضَات لَا تفْتَقر إِلَى حِيَازَة وَلَيْسَت هَذِه من نَاحيَة من أوجب على نَفسه الْإِقَالَة إِذا أَتَى بِالثّمن الَّذِي اخْتلف فِيهِ أَبُو الْفضل رَاشد وَأَبُو إِبْرَاهِيم للْفرق الظَّاهِر بَين الْمُطلقَة والمقيدة من وُجُوه لَا تخفى مِنْهَا: أَن الْإِقَالَة الْمُخْتَلف فِيهَا بَين من ذكر هبة لِأَنَّهَا تجوز لغير أجل بِإِجْمَاع وَلَو كَانَت بيعا لما جَازَت لغير أجل، وَالْإِقَالَة الْمُطلقَة بِخِلَاف ذَلِك لِأَنَّهَا بيع يشْتَرط فِيهَا شُرُوطه، وَمِنْهَا: أَن الْمقيدَة إِذا تصرف فِيهَا المتطوع بِبيع أَو نَحوه قبل أَن يَأْتِيهِ بِالثّمن مضى تصرفه حَتَّى قَالَ اللَّخْمِيّ: إِن ذَلِك يجوز لَهُ ابْتِدَاء إِذا وَقعت لغير أجل وَلَو كَانَت بيعا مَحْضا جَازَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ تصرف فِي ملك الْغَيْر، وَمِنْهَا: أَن الْمقيدَة الْغلَّة فِيهَا للْمُشْتَرِي وَعَلِيهِ الضَّمَان مَا دَامَ البَائِع لم يَأْته بِالثّمن وَذَلِكَ دَلِيل على أَنَّهَا على ملكه بِخِلَاف الْمُطلقَة فضمانها من الْمقَال وَالْغلَّة لَهُ من يَوْم العقد،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute