وَهَذَا أَمر لَا يخْتَلف فِيهِ. وَمِنْهَا: أَن الْمقيدَة لم تقع فِيهَا إِقَالَة أصلا وَإِنَّمَا وَقع فِيهَا تَعْلِيق إنْشَاء الْإِقَالَة عِنْد الْإِتْيَان بِالثّمن، فَإِذا مَاتَ المُشْتَرِي قبل الْإِتْيَان بِهِ فقد مَاتَ قبل وُقُوعهَا وَقبل أَن يُخَاطب بهَا فَهِيَ عِنْد مَوته على ملكه وتنتقل إِلَى ورثته ففاتت كَمَا تفوت إِذا بَاعهَا المُشْتَرِي المقيل، وَلَا كَذَلِك الْمُطلقَة فَإِنَّهَا بيع قد تمّ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول اه. بِاخْتِصَار من خطّ أبي الْعَبَّاس الملوي رَحمَه الله. الْخَامِس: أَن الْمُبْتَاع إِذا بنى فِي الدَّار أَو غرس فِي الأَرْض بعد أَن طاع بذلك للْبَائِع وَقبل انْقِضَاء الْأَجَل فَقَالَ ابْن رشد: لَهُ قِيمَته منقوضاً لتعديه كَمَا إِذا بنى البَائِع فِي دَار بَاعهَا على أَن الْمُبْتَاع بِالْخِيَارِ قبل انْقِضَاء أمد الْخِيَار أَو بنى الْمُبْتَاع قبل انْقِضَاء أمد الْخِيَار وَكَانَ الْخِيَار للْبَائِع اه. قلت: هَذَا إِذا كَانَت مُؤَجّلَة بِأَجل، وَأما إِذا كَانَت غير مُؤَجّلَة فيفهم مِنْهُ أَن الْبناء وَالْغَرْس فَوت على الْمقَال فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهَا بِمَنْزِلَة البيع كَمَا مر. السَّادِس: الشُّفْعَة ثَابِتَة فِي هَذَا البيع الَّذِي تطوع فِيهِ بالإقالة، وَلَو حصلت الْإِقَالَة بِالْفِعْلِ مَا لم يجر الْعرف بشرطية ذَلِك فِي العقد كَمَا يَأْتِي قَرِيبا وإلَاّ فَهُوَ بيع فَاسد لَا شُفْعَة فِيهِ أصلا إِلَّا بعد فَوَاته إِن قُلْنَا إِنَّهَا رهن كَمَا مر. السَّابِع: إِذا أحضر البَائِع الثّمن قبل انْقِضَاء الْأَجَل أَو عِنْده أَو أحضرهُ فِي حَيَاة المتطوع فِي الْمُطلقَة فَلم يقبله المتطوع الْمَذْكُور حَتَّى مَاتَ أَو انْقَضى الْأَجَل بأيام فَقَالَ سَيِّدي يحيى: الْمُتَقَدّم ذكره إِذا أثبت البَائِع أَو ورثته ذَلِك فَإِنَّهُ يَنْفَعهُمْ وَيرد إِلَيْهِم الأَصْل بذلك وَلَا يفوت عَلَيْهِم بِمَوْتِهِ وَلَا بِانْقِضَاء الْأَجَل. الثَّامِن: اخْتلف إِذا بَاعه شَيْئا عقارا أَو غَيره وَطلب البَائِع الْإِقَالَة فَقَالَ لَهُ: أَخَاف أَن تبيعه لغيري فَقَالَ: إِن أَو إِذا بِعته لغيرك فَهُوَ لَك بِالثّمن الأول وَبِالَّذِي أبيعه بِهِ فأقاله المُشْتَرِي، فَإِذا بَاعه البَائِع لغيره، فَهُوَ لَهُ، إِن بَاعه بِالْقربِ على مَا فِي سَماع ابْن خَالِد لِابْنِ الْقَاسِم وَابْن كنَانَة لَا إِن بَاعهَا بعد بُعد، والقرب أَن يَبِيعهَا فِي زمن تلْحقهُ فِيهِ التُّهْمَة، والبعد أَن يَبِيعهَا بعد زمَان تَنْقَطِع فِيهِ التُّهْمَة عَن البَائِع وَيظْهر مِنْهُ حُدُوث رَغْبَة فِي البيع كَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّة، هَذَا إِذا عبّر بِأَن أَو إِذا كَمَا مرّ، وَأما إِذا عبر بمتى فَهُوَ لَهُ وَلَو بَاعه بعد بُعد لِأَن مَتى لَا تَقْتَضِي قرب الزَّمَان كَمَا قَالَه ابْن رشد قَالَ: وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الشَّرْط فِي الْإِقَالَة لِأَنَّهَا مَعْرُوف، ولمحمد بن خَالِد أَن الْإِقَالَة على هَذَا الشَّرْط لَا تجوز كَالْبيع اه. الْبُرْزُليّ أَوَائِل الْبيُوع من ديوانه عَن الْمَازرِيّ، وَالْمَشْهُور من الْمَذْهَب فَسَاد هَذِه الْإِقَالَة لما فِي ذَلِك من التحجير وَهِي بيع من الْبيُوع، فَإِذا نزلت فسخت الْإِقَالَة وَإِن طَال ذَلِك وفاتت الأَرْض وَنَحْوهَا بِالْبيعِ مضى البيع وفاتت الْإِقَالَة بِهِ لِأَنَّهُ بيع صَحِيح اه. ثمَّ مَا تقدم من الْفرق بَين إِن وَمَتى هُوَ مَا فهمه ابْن رشد وَفهم صَاحب ضيح أَنه لَا فرق بَينهمَا لِأَنَّهُ عبر بمتى وَفرق بَين الْقرب والبعد. وَفِي الالتزامات لِابْنِ رشد قَول ثَالِث وَهُوَ أَنه إِن استقاله فَقَالَ: أخْشَى أَنَّك إِنَّمَا سَأَلتنِي الْإِقَالَة أَو البيع لربح ظهر لَك لَا لرغبة فِي الْمَبِيع فَقَالَ: بل لرغبتي فِيهِ فأقاله أَو بَاعه على أَنه أَحَق بِهِ إِن بَاعه فَهُوَ أَحَق بِهِ بِالْقربِ وَإِن لم يقل لَهُ شَيْء من ذَلِك، وَإِنَّمَا أقاله أَو بَاعه على أَنه إِن بَاعه فَهُوَ أَحَق بِهِ بِالثّمن لم يجز ذَلِك فِي البيع، وَيخْتَلف فِي الْإِقَالَة لِأَن بَابهَا الْمَعْرُوف لَا المكايسة اه. وَقد تحصل أَن فِي الْمَسْأَلَة أقوالاً مشهورها الْفساد،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute