يعللون ذَلِك بِأَن الشَّرْط الْمَذْكُور، وَهُوَ أَن يسكن بِنَفسِهِ لَا يكَاد يتَحَقَّق فِيهَا فِي الْغَالِب لِأَن ملاكها فِي الْغَالِب لَا يعتمرونها لأَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا يستغلونها بالكراء للْغَيْر اه. ونقلنا ذَلِك كُله فِي كتاب الشُّفْعَة من نوازلنا وَانْظُر بَقِيَّة أَحْكَامهَا فِي الْكتاب الْمَذْكُور. وَفِي الكراس الثَّانِي من الْإِجَارَة وَالرَّهْن، وَانْظُر قَوْلهم عَن بردلة: أَنه لَا شُفْعَة فِي بيع جُزْء مِنْهَا مَعَ أَن ذَلِك بيع لجزء أنقاضها وأشجارها، وَقد قَالَ فِي ضيح: يَنْبَغِي أَن يتَّفق فِي الإحكار الَّتِي عندنَا بِمصْر أَن تجب الشُّفْعَة فِي الْبناء الْقَائِم فِيهِ لِأَن الْعَادة أَن رب الأَرْض لَا يخرج صَاحب الْبناء أصلا فَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة صَاحب الأَرْض اه. نَقله (ز) وَزَاد عقبه: أَي وَلَا شُفْعَة لرب الأَرْض وَإِنَّمَا الشُّفْعَة للشَّرِيك قَالَ: وَكَذَلِكَ الأَرْض الخراجية إِذا بَاعَ أحدهم حِصَّته مِنْهَا فَالشُّفْعَة للشَّرِيك فِي الْخراج لَا لرب الأَرْض اُنْظُرْهُ عِنْد قَوْله فِي الشُّفْعَة وَقدم معبر الخ. قَالُوا: والإحكار جمع حكر وَهُوَ الْمُسَمّى عندنَا بفاس بالجزاء، وَبِالْجُمْلَةِ فَالَّذِي يُوجِبهُ النّظر هُوَ وجوب الشُّفْعَة فِي الجلسة وَالْجَزَاء بيعا وكراء لِأَن الشُّفْعَة إِنَّمَا شرعت لرفع الضَّرَر وَلَا سِيمَا فِي بيع جُزْء من هَذَا الْكِرَاء الَّذِي لَا يخرج مكتريه إِلَّا بِرِضَاهُ على مَا مر، فَالْعَمَل لَو لم يجر بِالشُّفْعَة فِي مُطلق الْكِرَاء لَكَانَ يَنْبَغِي أَن يجْرِي بِالشُّفْعَة فِي هَذَا الْكِرَاء الَّذِي هُوَ الجلسة بِخُصُوصِهِ لدوام ضَرَره، وَلما فِيهَا من بيع الأنقاض فِي بيعهَا وَبيع الأنقاض وَالْبناء فِيهِ الشُّفْعَة اتِّفَاقًا، وَمَا ذَكرُوهُ عَن بردلة ضَعِيف عقلا ونقلاً وكونهم لَا يستغلونها لأَنْفُسِهِمْ لَا يُوجب سُقُوطهَا، لما تقدم عَن ابْن نَاجِي: أَن الْعَمَل على عدم اشْتِرَاط السُّكْنَى، وَلقَوْل المنجور الْمَعْرُوف من الْمَذْهَب تَمْكِين الشَّفِيع من أَن يشفع ليبيع وَلما تقدم عَن الشدادي وَابْن رحال من وجوب الشُّفْعَة فِيهَا وهم متأخرون عَن القَاضِي بردلة فَلَا يخفى عَلَيْهِم الْعَمَل الَّذِي انْفَرد هُوَ بنقله، وَقَوله: سمعتهم يعللون ذَلِك بِأَن الشَّرْط الْمَذْكُور لَا يكَاد يتَحَقَّق الخ. لَا وَجه لَهُ لِأَن الْعَمَل إِذا جرى بِمُوجب الشُّفْعَة فِي الْكِرَاء فِي الشَّرْط الْمَذْكُور، فَيجب أَن يطرد ذَلِك الْعَمَل بِشَرْطِهِ الْمَذْكُور فِي جَمِيع أَفْرَاد الْكِرَاء الَّذِي مِنْهُ الجلسة وَالْجَزَاء، وَكَونه يعْتَبر الشَّرْط الْمَذْكُور فِي بعض الْأَفْرَاد دون بعض هُوَ من التحكم الَّذِي لَا يخفى بُطْلَانه، وَأَيْضًا يصير هَذَا الْعَمَل بالتفصيل فِي الْكِرَاء من كَون الشُّفْعَة فِي بعض أَفْرَاده دون بعض غير مُسْتَند لقَوْل من أَقْوَال الْمَذْهَب، وَقد نصوا على أَن الْعَمَل لَا بُد أَن يسْتَند إِلَى قَول وَلَو شاذاً وَإِلَّا لم يعْمل بِهِ، وَقَوله لِأَن ملاكها فِي الْغَالِب لَا يعتمرونها الخ. يَقْتَضِي أَن مَا ارْتَكَبهُ الْملاك من عدم الاعتمار لأَنْفُسِهِمْ يتبايعون عَلَيْهِ ويمكنون مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْعَمَل إِذا جرى بِاشْتِرَاط الشَّرْط الْمَذْكُور فَلَا يمكنون من الشُّفْعَة إِلَّا بِهِ ويحملهم الْحُكَّام عَلَيْهِ جبرا وإلَاّ أدّى إِلَى أَن الْعَامَّة إِذا تمالؤا على أَمر يتابعون عَلَيْهِ ويمكنون مِنْهُ، وَلَو خَالف الْأَقْوَال المذهبية، وَهَذَا مِمَّا لَا يَقُوله أحد. هَذَا وَقد رَأينَا أَن صَاحب الأَصْل فِي الحوانيت والفنادق يكريها صَفْقَة على صَاحب الجلسة، وَبِالْعَكْسِ فَيَأْتِي الآخر ويضمها من يَده ويكريها لغيره بِزِيَادَة أَو غَيرهَا، ويمكنهم الْقُضَاة من ذَلِك. وَهَذَا أَمر شَائِع ذائع فِي هَذِه الْبَلدة وَفِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا ذَلِك شُفْعَة إِذْ لَا يملك أَحدهمَا التصفيق على صَاحبه حَتَّى يكون لَهما لعدم اتِّحَاد الْمدْخل فهم يسمونه صَفْقَة وضماً، وَفِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ شُفْعَة وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ عَمَلهم فِي الْكِرَاء على مَا نَقله القَاضِي بردلة، بل على مَا لِابْنِ نَاجِي وَمن وَافقه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute