للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْقَبْض فِي الْبَعْض دون الْبَعْض بِلَا خلاف لِأَنَّهُ فسخ دين فِي دين، وَأما إِن كَانَ الْمصير معينا كحيوان أَو عرض مُعينين أَو دَار كَذَلِك فَفِيهِ خلاف واضطراب كثير، وَالْمَشْهُور الْمَعْمُول بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهر النّظم الْمَنْع، وَلَو وَقع الْقَبْض فِي الْبَعْض دون الْبَعْض أَيْضا، وَبِه أفتى (خَ) فِي قَوْله: وككالىء بِمثلِهِ فسخ مَا فِي الذِّمَّة فِي مُؤخر وَلَو معينا يتَأَخَّر قَبضه كغائب ومواضعة ومتأخر جذاذه وَمَنَافع عين الخ. وَاعْلَم أَن تصيير الْمعِين فِي الدّين من بَاب بيع معِين يتَأَخَّر قَبضه، وَقد تقدم تَفْصِيله صدر الْبيُوع فِي بيع الْأُصُول، وَلذَا كَانَ القَوْل بِعَدَمِ افتقاره للحيازة قَوِيا صَوبه ابْن سهل، وَرجحه ابْن يُونُس، وَصَححهُ الْمُتَأَخّرُونَ كَمَا لِابْنِ عبد السَّلَام، وَنَقله (ز) وَأفْتى بِهِ اليزناسني لِأَنَّهُ من نَاحيَة الْمُعَاوَضَات وَهِي لَا تفْتَقر للحيازة لدُخُول الْمعِين الْحَاضِر فِي ضَمَان المُشْتَرِي بِالْعقدِ، وَمثله الْعقار الْغَائِب لِأَنَّهُ يدْخل فِي ضَمَانه بِالْعقدِ أَيْضا، وَالْقَوْل بافتقاره لَهَا رَاعى فِيهِ شبه فسخ الدّين فِي الدّين وَلَيْسَ ذَلِك فسخا حَقِيقِيًّا، وَلذَا قَالَ الشَّيْخ (م) : والجاري على الْقَوَاعِد أَن تصيير الْمعِين لَا يفْتَقر إِلَى قبض إِذْ الْمعِين لَا تحمله الذمم، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ من فسخ الدّين فِي الدّين اه. وَلذَا قَالَ ابْن سَلمُون أَيْضا: وَأما إِن كَانَت يَعْنِي الدَّار المصيرة قد نظرت إِلَيْهَا فالتصيير جَائِز بِلَا خلاف، يَعْنِي وَلَو تَأَخّر قبضهَا. وَلَعَلَّ مَا ذكره من عدم الْخلاف هُوَ طَريقَة لَهُ، وَفِي أَوَاخِر الصُّلْح من المعيار جَوَاب لمؤلفه قَالَ فِيهِ مَا حَاصله: إِذا كَانَ التصيير فِي معِين مُؤخر وَالتَّأْخِير يسير كالثلاثة الْأَيَّام فَفِي جَوَازه وَمنعه اضْطِرَاب، وَمذهب الْمُدَوَّنَة الْمَنْع وسَاق كَلَامهَا ثمَّ قَالَ: وَإِن كَانَ التَّأْخِير كثيرا فإمَّا بِشَرْط أَو غَيره، فَإِن كَانَ بِشَرْط فَيبْطل وَإِن كَانَ بِغَيْرِهِ فَابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة يمْنَع وَأَشْهَب فِي الْعُتْبِيَّة يُجِيز، وَبقول ابْن الْقَاسِم جرى عمل الموثقين والحكام اه. بِاخْتِصَار. وَمرَاده بِالتَّأْخِيرِ الْكثير هُوَ مَا يتَغَيَّر الْمعِين إِلَيْهِ غَالِبا كَمَا مرّ صدر الْبيُوع، وَإِذا أجَاز أَشهب التَّأْخِير الْكثير بِغَيْر شَرط فأحرى أَن يُجِيز الْيَسِير، وظاهرهم أَن التَّأْخِير وَلَو فِي الْمعِين الْحَاضِر يفْسد التصيير على الْمَعْمُول بِهِ وَلَو لم يدخلا عَلَيْهِ، وَلَو كَانَ يَسِيرا وَيفْسخ مَعَ الْقيام وَلَو قَبضه الْمصير إِلَيْهِ إِلَّا أَن يفوت بِبيع صَحِيح وَنَحْوه مِمَّا يفوت البيع الْفَاسِد، وَهُوَ كَذَلِك كَمَا قَالَه سَيِّدي مِصْبَاح حَسْبَمَا فِي المعيار فِيمَن صير لزوجته أَرضًا فِي صَدَاقهَا فَلم تقبضها إِلَّا بعد أشهر أَو أَعْوَام أَو يَوْم. قَالَ فِي الْجَواب الَّذِي اتَّصل بِهِ الْعَمَل: أَن التصيير لَا يتم إِلَّا بالحوز بإثر العقد وَإِن ترَاخى الْقَبْض عَن ذَلِك كَانَ بيعا فَاسِدا يرد مَعَ الْقيام، وَإِن فَاتَ بِمَا يفوت بِهِ البيع كَانَت فِيهِ الْقيمَة يَوْم الْقَبْض اه. قلت: فَظَاهر قَوْله فِي السُّؤَال أَو يَوْم أَن التَّأْخِير الْيَسِير لَا يغْتَفر، وَسَيَأْتِي فِي الْبَيْتَيْنِ بعده مَا يُخَالِفهُ، وَأَيْضًا كَون التَّأْخِير الَّذِي لم يدخلا عَلَيْهِ مُفْسِدا للتصيير مُخَالف لما فِي صلح المعيار من أَنه إِذا وَقع الصُّلْح بِدَنَانِير عَن دَرَاهِم أَو بِالْعَكْسِ وتأخرت من غير شَرط فَالصُّلْح جَائِز قَالَ: وَهُوَ صَرِيح قَوْلهَا أول الْكتاب: وَإِن تَأَخَّرت الدَّنَانِير من غير شَرط جَازَ اه. وَإِذا جَازَ هَذَا فِي صرف مَا فِي الذِّمَّة مَعَ كَون بَاب الصّرْف أضيق فأحرى أَن يجوز فِي التصيير، وَلَا سِيمَا التصيير فِي الْمعِين لِأَنَّهُ أَمر جر إِلَيْهِ الْحَال وَلم يدخلا عَلَيْهِ وَلَا قصداه، وَلِأَنَّهُ من بيع الْمعِين الَّذِي يدْخل

<<  <  ج: ص:  >  >>